مجلس الوزراء يلتئم اليوم على حافة الهاوية.. لكن السقوط ممنوع
تحذيرات دولية وصلت إلى مسامع المعنيين لتجنّب الوقوع في المحظور
التركيبة السياسية والمذهبية في لبنان تمنع الشارع من أن يكون أداة ضغط لتحقيق أي هدف
هل يلفظ مجلس الوزراء اليوم أنفاسه الأخيرة بفعل عدم قدرته على مقاربة جبل الخلافات الذي يحول دون تقدّم الحكومة في اتجاه معالجة ما يواجهها من مشاكل، ويُقدم الرئيس تمام سلام على تعليق عمل الجلسات إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، أم أن جرعة الدعم التي ضخّها أكثر من سفير عربي وأجنبي في رئة الحكومة ستكون قادرة على تجاوز المطبات واستكمال العمل ولو بالحدّ الأدنى من الإنتاجية، كون أن الوضع اللبناني والإقليمي على حدٍّ سواء لا يسمح بأي متغيّرات سياسية في الداخل اللبناني في ظل الشغور في موقع الرئاسة، ونتيجة الانشطار السياسي الموجود والذي يجعل من إمكانية تأليف حكومة من سابع لا بل من عاشر المستحيلات؟
من المؤكد أن جلسة مجلس الوزراء اليوم ستنعقد على حافة الهاوية، نتيجة غياب التوافق على المواضيع المطروحة إن لناحية النفايات أو التعيينات العسكرية أو آلية عمل الحكومة، غير أن الظروف المحيطة بهذه الخلافات لا توحي بأن أي من الأفرقاء المتصارعة في وارد تسديد الضربة القاضية للحكومة، لا بل هناك تأكيد من قبل الجميع على أن هذه الحكومة هي حكومة الضرورة وأن وجودها في هذه المرحلة هو مطلب للجميع ناهيك عن اعتبارها من قبل دول القرار في المنطقة خطاً أحمر لا يمكن المسّ به وسط هذا الزنار من النار الذي يلفّ المنطقة، وفي ظل التسوية التي يعمل في المطابخ الدولية على إنضاجها والتي تشمل العديد من الأزمات في المنطقة والأزمة اللبنانية من بينها.
وفي هذا السياق تؤكد مصادر سياسية عليمة أن تحذيرات دولية وصلت إلى مسامع من يعنيهم الأمر في لبنان، من الوقوع في المحظور، لأن أي دعسة ناقصة على المستوى السياسي ستدخل لبنان في آتون المجهول، لأن أي أزمة سياسية سيتفرّع عنها أزمات على كافة المستويات وأخطرها الموضوع الأمني الذي يقف على «شوار»، وهذا إن حصل سيكون له تداعيات على الوضع اللبناني برمّته، وهذه التداعيات بالتأكيد لن تستثني شظاياها أي طرف من الأطراف.
وإذ لا تنفي المصادر وقوف الحكومة في هذه الأيام على شفير الهاوية فإنها ترى أن الحصانة الإقليمية والدولية تمنع الحكومة من السقوط على الرغم من ارتفاع منسوب الأزمات التي تواجهها من النفايات إلى التعيينات إلى الكهرباء إلى آلية عملها، وهذا يعود إلى انعدام وجود البديل في هذه الظروف حيث أن المساعي الجارية لحل الأزمات الساخنة في المنطقة لم تتبلور نتائجها بعد وهي ما تزال تتقدّم كمشي السلحفاة.
وتلمح المصادر إلى إمكانية الوصول إلى حلول لبعض المواضيع الخلافية في الربع الأخير من الساعة التي تسبق انعقاد مجلس الوزراء، حيث لفتت إلى طروحات كثيرة يتم تداولها في ما خصّ التعيينات العسكرية غير أن أي طرح لم يلقَ قبولاً من الجميع، وهو ما يجعل المساعي تتنقل وسط حقل من الألغام سيما وأن التيار الوطني الحر يتحضر للمبارزة في الشارع في حال اتخذت أي خطوة لم ترق إلى الرابية أو تعتبرها طعناً في ظهرها.
ومن بين الطروحات التي يتم تداولها طرح وزير الدفاع لثلاثة أسماء لرئاسة الأركان وفي حال لم يتم التوافق على أي اسم سيلجأ في اليوم التالي إلى تجديد الخدمة لرئيس الأركان الحالي وهو ما أبلغه الوزير مقبل للرئيس تمام سلام خلال زيارته له أمس.
وبمعزل عن هذا السيناريو فإن المصادر لم ترصد أي صيغة أو مخرجاً للأزمة قد تمّ تداولها في الساعات الماضية لا بل ان تبادل الأفكار والطروحات بقيت تدور في حلقة مفرغة وهو ما يخشى معه ان تستمر الخلافات والصدامات التي ربما تتجاوز التعيينات والنفايات إلى مواضيع أخرى ترقد كالجمر تحت الرماد وأن أي لفحة هواء ستظهرها إلى العلن ستزيد الطين السياسي بلة ونصل إلى الطريق المسدود.
وفي رأي المصادر ان الجنرال عون سيخسر من خلال التمديد للواء سلمان نصف معركته التي يخوضها في مسألة التعيينات العسكرية، وهذا التمديد سينسحب حكماً على قائد الجيش وهذا يعني خسارة عون للنصف الثاني من المعركة وهو ما يعني ان الرابية لن تجد مكاناً للتعبير عن سخطها غير الشارع لعلمه اليقين بأن الاعتراض داخل مجلس الوزراء لن يؤدي إلى نتيجة.
وعما إذا كان الشارع سيحقق لعون غايته تسارع المصادر إلى التأكيد بأن لعبة الشارع لعبة خطرة خصوصاً في ظل الانقسام السياسي والاحتقان الطائفي والمذهبي الموجود، وهو ما يعني ان اعتراض الشارع سيكون له النتيجة ذاتها في مجلس الوزراء أي لا شيء، سيما وأن المعنيين بتحرك الشارع تبلغوا قراراً حاسماً بالتصدي لأي عبث بالاستقرار العام، وأن لا تهاون مع أي جهة تلجأ لأي عمل من شأنه ان يرفع من منسوب التوتر الحاصل في الشارع، ولذا فإن تحرك الشارع المعروف النتائج سلفاً ربما يستغله عون للتغطية عمّا يحضر له على مستوى الانتخابات المرتقبة في التيار الوطني الحر.
وتلفت المصادر إلى ان جولة السفير الأميركي الوداعية على المسؤولين حملت رغبة واضحة من قبل الإدارة الأميركية على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في لبنان، والذهاب في اتجاه انتخاب رئيس لأن بذلك تستقيم باقي الامور.
وهذا الكلام لديفيد هيل هو بمثابة رسالة أميركية واضحة بعدم القبول بأي متغيرات من شأنها ان تقلب الطاولة في لبنان وتفتح الأبواب على كل الاحتمالات في الوقت الذي تعج فيه المنطقة بالملفات والقضايا والأزمات المتفجرة.