أكثر كلمة بقيت عالقة في ذاكرتي خلال حرب السنتين في العامين 1975 ـ 1976 الكلمة الأكثر حضوراً في مقالات الصحف التي يكوّمها والدي أمامه ويقرأ تحليلاتها ـ ولا أعرف لماذا كان يصر نقل مواضيعها مفصلة لوالدتي وجدتي رحمهما الله ـ كانت جملة «تدويل الأزمة اللبنانيّة» والانقسام اللبناني المعتاد «مسلم ـ مسيحي» كان على أشدّه حول موضوع التدويل، المشهد يعيد نفسه من جديد، في حرب السنتين انتهى المشهد بـ «التعريب» قاد العرب لبنان إلى كارثة وسلّموه»تسليماً باليد» للاحتلال السوري وأخوف ما نخافه اليوم أن تكون البلاد ـ وسط الغموض الذي يلف السياسة الأميركيّة في المنطقة وعواقبه التي سيحلّ برأس لبنان ـ تنزلق بهدوء يسبق العواصف نحو حربٍ هويّتها مجهولة حتى الآن!!
في 19 تشرين الثاني من العام الماضي كتبنا في هذا الهامش «لن يكون من السّهل أبداً تشكيل حكومة، وقد يمضي النصف الثاني من ولاية رئيس الجمهوريّة بحكومة تصريف أعمال حتى بلغنا قاع الانهيار بأزمة تشكيل حكومة لن تتشكّل على ما يبدو فالمعنيين غير آبهين بأهميّة الوقت بالنسبة للبلد وأزماته، والصورة تظهّرت بالأمس بمنتهى الوضوح مع دخول مرشد الجمهورية اللبنانية حسن نصر الله على خط عدد الوزراء المقترحين في تجاهلٍ تام إلى أنّ مطلب «شلبنة» الحكومة وترشيقها كان دولياً، وأن فشل الرئاسة وفريقها مصرٌ على أخذها باتجاه تقاسم الحصص والقبض على ثلث معطّل، وأنّ العقد والتعقيد ذاهبة باتجاه الزيادة لا النقصان!!
في هذا الوقت البلد مشغول بأخبار تواصل عمليّات التلقيح في وجه فيروس كورونا، من المفيد لفت نظر الجميع أنّ الحديث بدأ عن «موجة رابعة» على وشك البدءِ في أنحاء العالم وسط تخوّف أوروبي مع الإعلان عن نوع جديد من فيروس كورونا لم يحدد من قبل في إيطاليا، مسمّى بـ(B.1.525) ظهر في إقليم مدينة نابولي عن «متغيّر جديد لفيروس كورونا يحتوي على تغيير جيني يسمى (E484K) الذي يوجد أيضاً في السلالات البرازيلية والجنوب أفريقية، لأنّ وباء كورونا يظلّ البلاء الأكبر المتسلّط على رأس العالم والعالمين.
أسوأ مشاهد الأمس اللبناني كان في استجواب رؤساء مجالس إدارة القنوات اللبنانية في البرلمان اللبناني أمام ما يسمّى بـ «لجنة الإعلام النيابيّة» !! كأنّه لا يكفي الاستنابات القضائية واستدعاءات النيابة العامة للصحافيين حتى يتحوّل النواب ـ الذين شغلتهم أن يدافعوا عن هذا القطاع ـ إلى محققين إضافيين فوق ما تيسّر من مخابرات الجيش والنيابة العامة وفرع المعلومات وأمن الدولة ما يؤكّد أّن لبنان يتحوّل إلى نظام للقمع ولكمّ الأفواه والتهديدٍ بالسّجون لكلّ من يعبّر عن رأيه، نحن لا نتمنّى هذا أبداً، ونظرة حولنا على العالم العربي تؤكّد أنّ زمن الديكتاتوريات ولّى وإن كان ثمن رحيلها باهظاً ومكلفاً تقتيلاً وتدميراً وخراباً وضياع الأمن والأمان.
من غير المقبول ولا المعقول أن تكون لجنة الإعلام في مجلس النوّاب في خدمة حزب الله الذي يوعز لـ»جمهوره» الذي بات يشبه «حرس الثورة» في بدايات مجيء الخميني إلى طهران وكانت مهمتهم اعتقال كل أمني أو عسكري يشتبه في عدم طاعته العمياء للرّجل الظّلامي العائد إلى طهران ليعيدها قروناً إلى الوراء باسم الدين والله وبقوة وقهر تعيين نفسه نائباً للمهدي الإيراني المنتظر!!