لا أمل في جزء كبير من الرأي العام اللبناني وهو بالتحديد ذلك الجزء الذي يتبع الأحزاب والزعماء على العمياني كما يقال، وكي لا أُتهم بالتعميم اقول أن الغالبية العظمى من هؤلاء لا تملك أي ثقافة سياسية، ولا تملك القدرة والإرادة بالرد على المنطق بالمنطق وعلى الحجة بالحجة، رغم أن كثيرين من هؤلاء يحملون شهادات بالعديد من الاختصاصات من جامعات في لبنان وخارج لبنان، ولكن كل ذلك لم يوفر لهم سعة العقل والمنطق فتحولوا الى غوغائيين وعوعائيين.
إن ما سبق هو خلاصة خبرة سنوات على وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً “تويتر”، فهذه المنصة حوّلها غالبية جمهور الأحزاب والزعماء الى منصة للشتيمة والتجريح وإطلاق الاتهامات غير المستندة إلى أي دليل، وترويج الإشاعات من دون أي رادع أخلاقي.
فهؤلاء لا يتقبلون أي رأي أو منطق يعارضهم صيغ بلغة لا تجنّي فيها ولا تجريح ولا شتيمة، فيكون الرد بموجة من السُباب والشتائم والتجريح وصولاً إلى إهدار الدم والمس بكل المحرمات والأخلاقيات.
هذا التعاطي هو واحد من أهم أسباب استمرار التوتر في البلد وتتحمل مسؤوليته قيادات هذه الأحزاب وزعماؤها، فهم لا يريدون أي ثقافة سياسية أو حوارية لجماهيرهم لأن أي نوع من ثقافة كهذه ومن نقاشات تسأل بجدية عن الانعطافات والتحولات والتسويات، ستحول هذا الجمهور من قطيع ينقاد كيفما يشاء أصحاب الحل والربط، إلى مجموعة تحلّل وتفكر وتحاسب ما يسقط غرائزية تستخدم من أجل جعل هؤلاء وقوداً في أي معركة حتى ولو كانوا جوعى.
هذا الواقع أيضاً هو انعكاس لانعدام الأخلاق عند هذه الفئة من الناس حتى في المجتمع أيضاً، فهؤلاء لا يمكن أن يكونوا من أصحاب السيرة الحسنة والاتزان والصدق في مجتمعاتهم، فمن يشتم الناس ويهينها لمجرد رأي لن يتوانى في حياته اليومية عن شتم وإهانة والتجريح بالأقربين والأبعدين، حتى ولو كانوا من أفراد عائلته، كما أنه يتجه نحو ممارسات شاذة يشوبها العنف اللفظي والجسدي.
مواجهة هذا الواقع السيئ في لبنان تبدو مستحيلة لأن هؤلاء مع احزابهم وزعمائهم لا يرغبون أبداً في رفع مستوى أي نقاش سياسي، بل هم يصرون على أن تكون لغة الشتيمة نبراسهم محاولين جر كل من بقي يتمتع بحس المسؤولية إلى هذه اللغة، وإزاء ذلك قد لا يكون الحل سوى بحرمان هؤلاء الشتامين من مساحة الشتم وتعميم قذارتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك وانطلاقاً من مبدأ “رب ضارة نافعة” أتمنى لو يصيب التقنين الانترنت في لبنان والأفضل لو ينقطع كلياً.