موقوف أول ومتهمون جدد.. وتقصير أمني
الإنترنت غير الشرعي: بطء في التحقيقات القضائية والعسكرية
كلما هدأت زوبعة الانترنت غير الشرعي.. تعيد لجنة الاتصالات النيابية إحياءها. في اللجنة تصميم على عدم لفلفة الموضوع، أو بشكل أدق، على عدم السماح بلفلفته أو إبطاء وتيرته. متى تتعب اللجنة؟ يؤكد رئيسها النائب حسن فضل الله أن نفسها طويل والكتل كلها مصممة على السير بكشف خبايا الفضيحة حتى النهاية، أي وصولاً إلى معاقبة كل المتورطين، بغض النظر عن نفوذهم وسلطتهم.
يُطمئن أكثر من نائب إلى أن ما يجري في اللجنة إنما هو عمل نيابي فعلي، نادراً ما تدخل إليه السياسة، بمفهومها الانقسامي أو الاستغلالي، وإن لم يخلوا الأمر من تبادل للاتهامات بين العونيين وخصومهم، على خلفية تعاقب الوزراء العونيين على الوزارة.
قضية محطة الزعرور لم تنته بعد. والتناقض الذي برز بين تقرير موظفي «أوجيرو» حول الاعتداء المسلح الذي تعرضوا له وبين تحقيقات مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر التي أفضت إلى عدم وجود أي اعتداء مسلح.. أخذ حيزاً كبيراً من اجتماع لجنة الاتصالات أمس.
وفيما بدا كل النواب واثقين من أن الاعتداء قد تم فعلاً وأن الموظفين، كما العسكريون، قد احتجزوا من قبل نحو عشرين مسلحاً، عمدوا إلى تصويرهم واستعادة المضبوطات. كذلك فقد عاد المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم وأكد رواية الموظفين، الذين كانوا على تواصل مباشر معه أثناء قيامهم بمهمتهم كونهم تحركوا بناءً على إشارته.
وبالنتيجة، فقد أشار المدعي العام التمييزي سمير حمود إلى أنه سيكلف مدعي عام جبل لبنان بالتحقيق بمسألة الاعتداء، كما سيعاد الملف إلى القاضي صقر، الذين سيحقق مجدداً بالقضية، انطلاقاً من تقرير «أوجيرو»، الذي وصله مؤخراً. وعليه، فإن التحقيق سيكون أمام احتمالين «إما أن التقرير خطأ، وبالتالي من وضع هذا التقرير وأقحم هذه القضية في سجالات هو من يتحمل المسؤولية، وإما هناك من غير إفادته عندما مثل أمام القضاء العسكري»، كما قال فضل الله.
وبعيداً عن الزعرور والحمايات للمرتكبين أو الضغوط التي يحكى أنها مستمرة، فقد تبين أن القضاء قد تمكن من معرفة صاحب محطة الضنية الذي ظل مجهول الهوية طيلة الفترة الماضية. وقد سجل على الأثر اسم أول موقوف على ذمة القضية (بسام غ.)، بعدما تبين أنه صاحب المحطة المذكورة، والتي ثبت أنها كانت موجهة إلى قبرص.
وكان مفاجئاً أمس، دخول اسم توفيق ح. إلى لائحة المتهمين بإنشاء بوابات الانترنت غير الشرعي، حيث كشف حمود أنه تم التحقيق معه بعدما اتهمه المتهم رينو س. بأنه هو صاحب محطة صنين. وتكمن الصدمة من دخول اسم توفيق ح. في أنه كان أحد أبرز الموقعين على الشكوى التي قدمت باسم تجمع شركات توزيع الانترنت، والتي كشف على أثرها وجود شبكة الانترنت غير الشرعي. وكان رينو س. قد نفى ملكيته للمحطة المذكورة، مشيراً إلى أنه كان مسؤولاً عن تركيبها فقط، وهي تعود إلى توفيق ح.، الذي يدين له بـ125 ألف دولار، على حد قوله.
كما يكمن مصدر الغرابة، بالنسبة للنواب، في ان الاخير معروف بعلاقته بالمدير العام لـ «أوجيرو» عبد المنعم يوسف وبمدير المعلوماتية في الهيئة توفيق شبارو. وفي هذا السياق ثمة من يجزم بأن المعلومات التي تضمنتها الشكوى لا يمكن لشركات التوزيع أن تحصل عليها بدون مساعدة مباشرة من «أوجيرو»، وهو ما نفاه وزير الاتصالات مراراً، داعياً إلى الكف عن الإيحاء بأن الوزارة على علم مسبق بوجود الشبكة.
الخوف من اللفلفة كان قاسماً مشتركاً بين الجميع، لذلك فقد كان الإصرار على ضرورة استكمال القضاء لعمله بعيداً عن أي تأثير خارجي. وقد أكد فضل الله، بعد الجلسة، هذا المنحى، داعياً، باسم اللجنة، القضاء الى القيام بمسؤولياته بمعزل عن أي ضغط، وبمعزل عن أي تدخل سياسي. وهو ما أكده حرب أيضاً.
وفيما يتم التحقيق بالموضوع في مسارات متعددة، فإن المسار الأمني ما يزال يأخذ حيزاً أساسياً، فمن المتوقع أن تشكل الجلسة المقبلة للجنة (19 نيسان الحالي) محطة مفصلية في هذا السياق، حيث يفترض أن يكون التحقيق الذي تجريه مخابرات الجيش قد اكتمل، على ما وعد وزير الدفاع سمير مقبل. كذلك فإنه يفترض أن يكون التحقيق القضائي قد بدأ بالتقدم في ما يتعلق بالاختراق الامني لشبكات الانترنت.
التحقيق يتسم بالبطء، وذلك أمر لا لبس فيه وإن يجد من يعطيه المبررات التقنية المتعلقة بحجم الشبكة المكتشفة. لكن الأكيد أنه إلى الآن لم تحسم كيفية تركيب المعدات ودخولها إلى البلد، من دون أن تكتشف، ما يضع الأجهزة الأمنية أمام ضرورة الإجابة عن العديد من الأسئلة. خاصة أن حرب كرر إشارته إلى أن «الاجهزة الامنية هي التي يفترض أن تحافظ على سلامة البلد وعلى أمن البلد وان تراقب الجمارك والحدود ومن يدخل عبرها».