IMLebanon

تقاطع فرنسي – روسي: حل الازمة في أيدي اللبنانيين

المعلومات الاولية المسربة عن لقاء وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت ونظيره الايراني محمد جواد ظريف، لا تفيد بأن لبنان كان حاضراً بقوة في محادثات الرجلين، وان كان البعض عزا ذلك، الى ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أصرّ على ان يثير هو شخصياً هذه القضية مع المسؤول الايراني..

ليس من شك في ان الافرقاء اللبنانيين كافة، على قناعة أن ما يحكى عن »مبادرة فرنسية« يجري الاعداد لها مع زيارة وزير الخارجية ايرولت الى بيروت الشهر المقبل، لا يمكن ان تقلع، او تحظى بالحد المطلوب من النجاح من دون الحصول أولاً على ضوء أخضر أميركي، وبالتالي على استعدادات اقليمية من الدول النافذة بأنها لن تضع العصي في الدواليب، وهي ستسعى ضمن الممكن المتوفر الى تسهيل مهمة الموفد الفرنسي.. ومع ذلك، فإن المعلومات المتداولة بين أكثر من فريق سياسي لبناني تؤكد ان الفرنسيين لم يصلوا بعد الى قناعة كافية بأن حل الأزمة اللبنانية، الموقوف على حل أزمات المنطقة، لم تتوافر له الظروف الايجابية – المسهلة كفاية.. وان المسألة تحتاج الى مزيد من العمل، ومزيد »تشابك الأيدي الدولية« وتحديداً الأميركية – الأوروبية – وان كان الجميع – أقله حتى الآن – متفقون على الحد الأدنى، وهو توفير الاستقرار الأمني في لبنان، بأقصى ما يمكن.. أما الاستحقاقات الضاغطة  فمتروكة لحين توفر الظروف الدولية والاقليمية (الايرانية) والعربية (وتحديداً مع المملكة العربية السعودية) الملائمة، وهي مسألة لم يظهر في المعطيات ما يؤشر من قريب او من بعيد، الى قرب حصولها، والمسألة موقوفة على ما ستؤول اليه التطورات في اليمن والعراق وأكثر في سوريا..

تؤكد مصادر حزبية لبنانية، أنه وخلافاً للمعلومات المتداولة، فإن الوضع في لبنان حضر بقوة في لقاء ايرولت – ظريف، وان المسؤول الايراني، ولأول مرة، أبدى استعداداً للتعاون، لكن المسألة لا تقوم على فريق واحد.. وهو كرر أمام الفرنسيين، أنه يستحيل في ظل الضغوطات المتعددة الأوجه التي يتعرض لها »حزب الله« في لبنان، والتي توجت بقانون العقوبات الاميركي والاجراءات المصرفية ضد الحزب، يستحيل مفاتحة الحزب بأي دور من ذلك، والتعامل معه بوصفه »حركة إرهابية« ملاحقة اقتصادياً ومالياً..

طريق العبور الى لبنان، تكون بالتواصل المباشر مع »حزب الله«.. خلصت المصادر، وهي تعرف ان المسألة أكثر تعقيداً مما يتصور كثيرون، على الرغم من ان ايران حاولت مع من يراجعها التأكيد على ان الحزب »هو المعني مباشرة ولا يمكن التصرف نيابة عنه وبمعزل منه.. وبالتالي لا يمكن اجباره على فعل أي شيء في ظل الضغوطات التي يتعرض لها..

اللافت ان الموقف الفرنسي المستجد، كما نقلته مصادر حزبية، يتقاطع وبنسبة كبيرة مع الموقف الروسي.. وخلاصتها ان الاستحقاقات اللبنانية، ابتداءً من رئيس الجمهورية، الى الانتخابات النيابية، وتشكيل حكومة بعد اقرار قانون جديد للانتخابات مسألة متروكة للافرقاء اللبنانيين أنفسهم.. ووزير الخارجية الفرنسي الذي سيزور لبنان لم تتكون لديه، رزمة افكار حول أي من الملفات المطروحة، وكذلك الروس.. وان كانوا جميعاً يصرون على دور »الناصح الأمني«.

يدرك الفرنسيون، كما الروس، كل من موقعه متمسكاً بالتزاماته، بحدود او بأخرى، ان التسوية في المنطقة بعيدة المنال، وبالتالي فإن ربط الحلول للأزمة اللبنانية بما ستؤول اليه تطورات اليمن والعراق وسوريا، يعني إطالة أمد الأزمة.. وتأسيساً على هذا، يخلص الفريقان الى وجوب ان يكون القرار لبنانياً من دون أي تدخل خارجي، لاسيما وان المعطيات المتوافرة تؤكد امكانية لبننة الحل اللبناني للأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية من خلال مؤسسات الدولة، ومن خلل التواصل بين الافرقاء المعنيين والاحزاب، على نحو ما يحصل في جلسات الحوار، مع ضرورة اعطائها المزيد من جرعات الجدية والموضوعية والابتعاد عن المصالح الفئوية..

اللافت، ان الفرنسيين، كما الروس، لا يرون تدخلات خارجية في الوضع اللبناني واضحة.. وما يحكى عن وجود تدخلات من هذا النوع، هي في نظر السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين »شائعات أكثر مما هو حاصل في الواقع«.. وان الحال الآن في المنطقة تفرض على اللبنانيين ايجاد الحلول اعتماداً على الذات.. أما الأطراف الخارجية فتكون مؤيدة للسيناريو الذي يتفق عليه اللبنانيون..

هذا التبسيط لحل الأزمة اللبنانية يقفز فوق المعطيات المتوافرة، كما يقفز من فوق التوزعات السياسية ذات العلاقات العضوية مع محاور خارجية.. ومع ذلك فإن الفرنسيين ليسوا في وارد – حتى الآن – البحث عن حلول من خلال مؤتمر دولي جديد كمؤتمر سان كلو، او »دوحة جديدة«.

في قراءة البعض، فإنه من السابق لأوانه الحكم على شكل ومضمون المسعى الفرنسي »لمساعدة لبنان..« والاتصالات التي يجريها السفير ايمانويل بون، تتركز على معرفة مواقف الافرقاء اللبنانيين كافة، وقراءاتهم للأزمة وكيف ينظرون الى الحلول الممكنة، لتتمكن باريس من تفعيل جهودها دولياً واقليمياً وعربياً لمساعدة لبنان على تجاوز أزماته، لكن الكرة لاتزال في ملعب الافرقاء اللبنانيين الذين يبصمون بالعشرة على ان الحل خارجي وليس داخلياً؟!