Site icon IMLebanon

«انتفاضة» عونية تمنح الحكومة «إجازة صيفية»

عون محذرا من تجاوز القوانين بالتعيينات: الحكومة تفقد دستوريتها

هكذا أنهى ميشال عون العام الدراسي للحكومة ومنحها اجازة صيفية يفترض أن تنتهي في 15 من أيلول المقبل. فإما يعود الجميع الى الصف، واما الى البيت نهائياً.

سيناريو صار مرتقباً، لا بل واقعياً، حتى لو أنّ الجنرال أبقى الاوكسيجين في عروق الحكومة حتى جلسة الخميس. ولكن من بعدها، صار المشهد مختلفاً.

إذاً، ترك الرجل خطاً للرجعة، ولم يهدم كل الجسور مع الجالسين قبالته على طاولة تمام سلام، لا بل أبقى على اخراج لائق يعود به عن اعتكافه، في حال تغيرت المعطيات وصار بالإمكان تكريس التعيين في المؤسسة العسكرية. ومع ذلك، فهو غير مقتنع بالحجج الأمنية والعسكرية التي وضعت على مكتبه لتبرير التمديد في رأس المؤسسة العسكرية، وبات متيقناً أنّ التغيير مرفوض من جانب القوى الأخرى، لاعتبارات كثيرة، منها ما هو متصل بالاستحقاق الرئاسي ومنها ما يعود الى كيفية تعامل الجيش مع الاستحقاقات العسكرية الداهمة، لا سيما في عرسال وجرودها.

هكذا، إذا لم ينجح في استثمار منظومته الهجومية التي استخدمها بكل طاقتها، حينها سيكشف «تيار المستقبل» عن اوراقه من مسألة التعيينات الامنية والعسكرية.. وتكون حفلة الوداع للإجازة الصيفية.

في تلك اللحظة سيزول كل التباس وغموض. فإما يحني «المستقبل» رأسه لعاصفة الجنرال من خلال تطويقها قبل أن تهب بكامل قوتها، فيرضى بشرطه في فرض التغيير في رأس المؤسسة العسكرية، من دون أن يضطر عون الى تقديم «أكبر تنازلاته»، وهي رئاسة الجمهورية.. وإما يدير أذنه الطرشاء وينأى بنفسه عن الضغط الممارس من جانب الرابية، لتكريس التمديد في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، قبل أن ينقل عدواها إلى قيادة الجيش.

عملياً، لا شيء يوحي أنّ «تيار المستقبل» سيلين أو سيستسلم. ولهذا لم يُكتب العمر لـ «الطروحات التخديرية» التي حاولت التسلل الى الميدان، منها على سبيل المثال التمديد المؤقت للواء بصبوص، وتحديداً حتى شهر أيلول المقبل، بغية اعادة ربط الاستحقاقين الامني والعسكري بعضهما ببعض، على عكس ما كان يفعله «الزرق» طوال الفترة الماضية.

إذ هناك من سعى الى التخفيف من غضب ميشال عون من باب احتوائه، واستطراداً كسب مزيد من الوقت لحماية الحكومة حتى الموعد المقبل، فقدّم هذا الطرح على أساس مخرج مؤقت لتجنب الانفجار الكبير الناجم عن تعطيل آخر المؤسسات الدستورية.

صحيح أنّ الرجل اعتمد مساراً تصاعدياً تصعب العودة منه، بعدما حصر خياراته باثنين لا ثالث لهما: اما تعيين بديل لمدير عام قوى الأمن الداخلي، وإما فتذهب الحكومة الى التقاعد المبكر.. الا أنه عاد في اللحظات الاخيرة من نهاية «المباراة» الى حجز موقع متقدم، بعدما ترك الحكومة لا معلقة ولا مطلقة.

عملياً، اراد رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» استخدام كل الاوراق المتاحة امامه. وحاول اعادة احياء «كارت» الشارع الذي ضبّه في جيبه منذ سنوات، مع انه يعرف جدياً أن سقف هذه الورقة بات محدوداً جداً ولا يمكن المساومة عليها بفعل الترهل الذي أصاب «التيار الوطني الحر» وأفقده روحه النضالية التي كانت دينامو حراكه وشعلة تأثيره على الارض.

كما أنّ تطمينات بعض الحلفاء في العلن حيناً وفي الجلسات المغلقة حيناً آخر، بأنّ الحكومة محمية ومصانة من النيران الصديقة، وبإمكانها الصمود وعبور معمودية الاعتراض العوني من دون أي ضرر يذكر، زاد من منسوب الثقة بالنفس لدى الفريق «الأزرق»، ما دفعه الى حلبة المواجهة واثق الخطوات.

ولهذا كان الاعتقاد سائداً أنّ أقصى ما يمكن لـ«تكتل التغيير والإصلاح» أن يقوم به هو الاعتكاف والجلوس في البيت اعتراضاً على سياسة التمديد، وقد يشاركه في «تمرده الحكومي» حليفه الأصفر «حزب الله»، من دون أن يعني ذلك انفراط عقد الحكومة أو استقالتها. وهذا ما حصل.