IMLebanon

بنود مستعصية تهدد بنسف الحوار

عندما دعا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي إلى عقد جلسات جديدة لما سُمّي «هيئة الحوار الوطني»، في المجلس النيابي في ساحة النجمة اعتباراً من يوم الأربعاء المُقبل، حرص على استخدام عبارة «لمناقشة المواضيع المُدرجة على جدول الأعمال حصراً» ضمن الدعوة، وذلك بهدف قطع الطريق على أيّ محاولة لإدارج مواضيع أخرى وفي طليعتها «سلاح حزب الله»، قبل أن يُنقل عنه قوله إنّ جدول الحوار ليس مُقدّساً، والمقصود تراتبيّة البنود التي رفعها برّي، حيث يُمكن تقديم أحدها على آخر، لكن من دون إضافة أيّ بنود جديدة، حسبما أكّدت أوساط سياسيّة مُطلعة.

ولمّا كانت المواضيع المُدرجة على جلسة الحوار التي ستُعقد مُنتصف الأسبوع الطالع، تتضمّن سبعة بنود رئيسة، فإنّ البحث لن يقتصر على جلسة واحدة حسبما رأت المصادر عينها والتي أضافت أنّ بعض البنود أسهل من أخرى، وبعضها جرت مناقشته في السابق من دون تحقيق أيّ نتيجة، والفئة الثالثة عُموميّة ويُمكن الخروج بتوافق حولها «على الطريقة اللبنانيّة» ـ كما يُقال باللغّة العامية، أيّ عبر اعتماد صيغة رماديّة واللعب على معاني الكلمات والعبارات!

وكشفت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها أنّ ما نقل عن الرئيس برّي بأنّ جدول الأعمال ليس إنجيلاً أو قرآناً، يهدف إلى إنقاذ الحوار من أيّ فشل قبيل انطلاقه، لأنّه يُوجد تخوّف من أن تؤدّي أيّ خلافات عميقة حول البند الرئاسي، إلى نسف الحوار من أساسه، لأنّ رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، يعتبر أنّ بت البند الرئاسي من بوّابة الانتخابات المُباشرة من قبل الشعب هو أساس مُوافقته على المُشاركة في الجلسات الحواريّة الجديدة، وإلا فللذهاب إلى قانون انتخابات نيابيّة جديدة. في المُقابل، يُصرّ «تيّار المُستقبل» ومعه قوى فاعلة أخرى، على أنّ المدخل لحلّ الأزمات المُتراكمة يتمثّل في انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة من دون أيّ تأخير، أيّ من قبل المجلس النيابي الحالي. ولفتت الأوساط السياسيّة إلى أنّه من هذا المُنطلق، أبدى برّي ليونة عالية بالنسبة إلى البنود التي ستُبحث أوّلاً، مُشيرة إلى أنّ التخوّف عينه ينطبق أيضاً على مبدأ «ماهيّة قانون الانتخابات النيابيّة» لأنّ التجارب السابقة في هذا المجال غير مُشجّعة على الإطلاق، في ظلّ تباين كبير بين الأفرقاء السياسيّين، إن على مستوى طبيعة قانون الانتخابات الواجب اعتماده، أو على مستوى توقيت إجراء الانتخابات النيابيّة الجديدة في ظلّ استمرار المجلس الحالي المُمدّد له حتى حزيران من العام 2017. وأكّدت الأوساط أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» سيضغط لتقريب موعد الانتخابات النيابيّة، في حال رفض المُتحاورين المُوافقة على اقتراحه القاضي بإجراء الانتخابات الرئاسيّة مباشرة من الشعب، بينما من المُتوقّع أن يرفض «تيّار المُستقبل» البحث في تقصير ولاية المجلس المُمدّد له، طالما لم يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد من قبل المجلس النيابي، بشكل فوري ومن دون إدخال أيّ تعديلات على الدستور.

ورأت الأوساط السياسيّة المُطلعة، أنّه في ظلّ التباين لا بل التناقض الكبير في مواقف القوى الأساسيّة، فإنّ برّي سيُحاول تأخير بندي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات المُستعصيَين، على أمل أن يتفق المُتحاورون على صيغة مُعيّنة تسمح باستعادة عمل كل من المجلس النيابي ومجلس الوزراء. وهو يأمل تحقيق الخرق المطلوب في هذا المجال، مع إقراره في الوقت عينه بأنّ العودة إلى الجلسات التشريعيّة مُرتبط خصوصاً بالتوافق المُسبق على قانون استعادة الجنسيّة وعلى قانون اللامركزيّة الإداريّة، بينما العودة إلى الجلسات التنفيذيّة مُرتبط بالتوافق المُسبق على صيغة تصويت جَماعيّة لا تستثني أيّ فريق قبل بت أيّ بند على طاولة مجلس الوزراء.

وأشارت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّه ممّا سبق، يتّضح أنّ البندين الأكثر صعوبة على طاولة البحث هما بند رئاسة الجمهورية وبند قانون الانتخابات النيابيّة، وتليهما من حيث الصعوبة مسألة استعادة عمل كل من المجلس النيابي ومجلس الوزراء، علماً أنّ أيّ تقدّم في هذا الصدد لا يُمكن أن يكون مُنفصلاً عن تحقيق تقدّم على مستوى قانوني استعادة الجنسيّة واللامركزيّة الإدارية. وأضافت الأوساط نفسها، أنّه من هذا المُنطلق الخشية كبيرة من أن تقتصر النتائج الإيجابيّة لطاولة الحوار الجديدة، التي تأتي بعد طاولتي 2006 و2012، على بند «تعزيز الجيش والقوى الأمنيّة»، وهو أصلاً ليس بنداً خلافياً، لكنّ صُعوبته تكمن في توافر التمويل اللازم في ظلّ لعبة الضغوط الإقليميّة ولعبة المصالح الدَوليّة.

وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالقول إنّ من شأن غياب أيّ تمثيل لحزب «القوّات اللبنانيّة» عن طاولة الحوار أن يُجنّبها الإحراج الذي كانت لتقع فيه بمُجرّد وقوع الصدام المُنتظر على طاولة الحوار بين طروحات «التيّار الوطني الحُرّ» و«تيّار المُستقبل» المُتناقضة والمُتباعدة كلّياً. وأضافت: «أنّ البنود المُستعصية كفيلة بإفشال الحوار، خاصة أنّ إمتداداتها الإقليميّة لا تُسهّل المُهمّة، إلا إذا كان الهدف التوافق على التعايش مع الأزمة لمزيد من الوقت، وهو أمر من المُستبعد أن يقبله العماد عون».