تساؤلات كثيرة تبرز على هامش الفشل الذي يعمّ المؤسسات الرسمية والدستورية والذي بات عنوانا يطغى على كل شيء في ادائها، وآخر تجلياته عدم إجراء الانتخابات النيابية، بعد الفشل في التوصل الى قانون جديد للانتخاب يطالب به الجميع، وما قبله وبعده الفشل في انتخاب رئيس للجمهوريّة واستمرار الاستحقاق الرئاسي في الأسر وسط اتهامات متبادلة بين طرفي الاصطفاف السياسي في 8 و14 آذار، وأحدث عناوينها ان “إيران وسوريا تمنعان عبر “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” إجراء الانتخابات”. وهذا ما يفسر غياب نواب كتلتيهما عن جلسات انتخاب الرئيس التي يدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري وآخرها ظهر اليوم، في مقابل اتهامات لقوى 14 آذار بأنها “مجرّد تبنيها ترشح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إنما تساهم في تعطيل الانتخابات”، وكلام لمرشح “حزب الله” وقوى 8 آذار رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون بأن “السعودية تمنع كتلة المستقبل وفريق 14 آذار من انتخابه”، واتهامات من خصومه بأنه يتصرف على أساس “أنا أو لا أحد”، أي إما هو وإما لا للانتخابات. وقد عبر حلفاؤه وآخرهم النائب سليمان فرنجيه عن عدم انزعاجهم من الفراغ الذي يفضلونه على “مرشح ضعيف”. وهنا يبرز الجدل حول المرشح القوي ومواصفاته المطلوبة وكل يفسرها على هواه وعلى قياس مرشحه!
ومن التساؤلات الكثيرة المشروعة:
أولا – ما نُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري في سياق حديثه عن العلاقة مع عون “حليف الحليف”، اذ تساءل عن موقفه اذا قرر “المجلس الممدد لنفسه” انتخابه رئيسا للجمهوريّة، فهل يقبل بانتخابه من “نواب غير شرعيين وغير دستوريين” كما يصفهم؟
ثانياً – بعد التمديد تصاعد طرح تساؤلات فحواها: لماذا لا يُقدم معارضو التمديد، وفي طليعتهم نواب “تكتل التغيير والاصلاح”، على إعلان رفضهم قبول التمديد والاستقالة من المجلس الممدد لنفسه، والذي لا يمكن ان يستمر في غياب كتلة وازنة ككتلتهم؟ فهذه الخطوة من شأنها ان تدفع في اتجاه اجراء انتخابات نيابية فرعية. وأما في غياب اي خطوة عملية في رفض التمديد، فيبقى تسجيل الموقف، لا أكثر ولا أقل هو الهدف…
ثالثاً – لم يفاجئ أحداً السؤال الذي كان متوقعاً بعد جلسة التمديد، وهو موجّه الى مجلس النواب مجتمعاً بكل مكوناته، وعلى تناقضاته، بمن فيها حلفاء المقاطعين وأعضاء في “تكتل التغيير والاصلاح” (النائب سليمان فرنجيه)، والسؤال هو: كيف يمكن مجلس النواب ان يجتمع للتمديد لنفسه حتى نهاية الولاية (4 سنوات مع التمديد الأول) ولا يسمح له بالاجتماع لانتخاب رئيس للجمهوريّة؟ ومن الطبيعي ان يستتبع السؤال بآخر عن هوية الجهات التي تمنع اكتمال نصاب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، الا اذا كان من سينتخبونه واحداً وهو النائب عون؟ وقد عبر عن هذا الموقف بكل صراحة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير في ذكرى عاشوراء اذ اختصر الامر بأن “على من يريد انتخابات رئاسية انتخاب ميشال عون” وذلك بعدما أعلن للمرة الأولى رسمياً تبني “حزب الله” وقوى 8 آذار ترشيح عون ودعمه. وعلى خلفية هذا الموقف برزت تساؤلات مختلفة عن الهدف من تلك التسمية، وهناك من افترض سوء النية في 14 آذار اذ اعتبر انه “بمجرد هذا الاعلان، فقد احترقت ورقة عون كمشروع مرشح توافقي”، وللانصاف، تجدر الاشارة الى ان اصحاب وجهة النظر تلك أنفسهم كانوا يطرحون تساؤلات عن الاسباب الكامنة وراء عدم إعلان “حزب الله” صراحة تبني ترشح “الجنرال”!
وسط هذه الاجواء، ثمة تساؤلات موازية ولكن على المستوى الأمني، ودائما على خلفية الفشل المشار اليه، وأخطرها تلك الناجمة عن مجاهرة كثيرين ولاسيما في فريق 8 آذار، وآخرهم النائب سليمان فرنجيه، باقتناء السلاح ووجوده في كل بيت، وأخرى عن “التسلح للدفاع عن أنفسنا في حال تعرض مناطقنا لهجمات من مسلحين تابعين لما يسمى “النصرة” او “داعش” وما شابه، متلطين دائما باستتباع كلامهم بالقول: “بالتأكيد وراء الجيش”…
موجة التسلح تلك، المعلن منها وغير المعلن، لا تبشر بالخير، ولا بقيام دولة في المدى المنظور، ولا هي دليل ثقة بالدولة وبمؤسساتها…
وأخيراً، هل بين رؤساء الكتل النيابية ولاسيما تلك التي تقاطع جلسات الانتخاب، من يجرؤ على إعلان الأسباب الحقيقية التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهوريّة في لبنان، وبعضها يتباكى على “الرئيس المسيحي الوحيد”، ويبدي قلقاً على “مسيحيي الشرق”؟!