Site icon IMLebanon

«الهرم المقلوب» على قادة «حزب الله»  

يتسلل الخوف الى قادة وعناصر وجمهور «حزب الله» بعد دفع الاخير بقادته العسكريين والميدانيين إلى جبهات القتال المباشر في سوريا ومقتل أعداد كبيرة منهم، حيث بدأ هؤلاء يتساءلون عن المصير الذي بات ينتظرهم في ظل الإنزلاق المدوي للحزب في دوّامة الصراع السوري ورماله المتحركة والذي لن يجد لنفسه ولو نافذة صغيرة ليعود منها إلى ما يُفترض أنها حالته الطبيعية ومعها يُعيد خيرة من الشباب الذين ذهبوا إلى حتفهم طوعاً أو كرهاً أو ترهيباً أو ترغيباً.

يوماً بعد يوم يزداد تورط «حزب الله» في سوريا وتزداد معه الأمور تعقيداً، فلا هو عاد قادرا على تحقيق ما سبق ووعد به ولا عاد جمهوره قادرا على تحمل المزيد من الخسائر بعدما دخل الموت الى كل قرية ومنزل بدءاً من الضاحية الجنوبية والبقاع وصولا إلى الجنوب. ومع إستمرار هذا النزف القاتل، تزداد حيرة الحزب من خلال عجزه عن تقديم المزيد من الأعذار والحجج لبيئة ما عادت تؤمن لا بنصر ولا بوعود إلهية ولا بتكاليف شرعية بعدما أصبح الموت يتحكم بمسارها ومصيرها.

أمس تمحور حديث جمهور «حزب الله» فقط حول نوعية «الشهداء» الذين يسقطون للحزب في سوريا ومراكزهم ونوعيّة المسؤوليات التي يتولونها. حضرت سيرة جهاد مغنية والقائد العسكري محمد احمد عيسى المعروف بـ«ابو عيسى« والقائد العسكري إبراهيم الحاج « أبو محمد سلمان» من بلدة قليا مع العديد من الأسماء وصولاً إلى القيادي حسن حسين الحاج الملقب بـ«أبو محمد الإقليم« قائد عمليات الحزب في منطقة ريف إدلب- سهل الغاب والذي سبق ان نجا من عدة محاولات لاغتياله على يد اسرائيل والقائد الميداني في «حزب الله« مهدي عبيد إضافة إلى العديد من ضباط كبار في الحرس الثوري وآخرهم العميد حسين همداني وهو أحد أبرز المساعدين الميدانيين والاستشاريين للجنرال قاسم سليماني في سوريا، فتساءل الجمهور«بأي وجه حق تقتل كل هذه الاسماء في حرب تتبدل فيها المصالح والاولويات، فتارة تكون فيها «القلمون» الصراع الحاسم وسرعان ما تنتقل الى جرود عرسال وبعدها «الزبداني» واليوم في ريف إدلب.

من الواضح ان «حزب الله» يعيش أزمة تفوق التصورات والإستراتيجيات التي كان وضعها لحربه هذه. ففي عملية حسابية يتبين أنه ومنذ دخوله العلني والفعلي في الحرب في سوريا، أي منذ ما يقارب الثلاث سنوات، يتبين أن خسائره البشرية التي تخطت الف عنصر، تفوق حجم الخسائر التي تكبدها ضد إسرائيل لفترة تزيد ربما عن عشرة أعوام، عدا الخسائر الكبيرة التي تكبدها في صفوف العناصر الذين تراوح اعمارهم بين السادسة عشرة والخمسة والعشرين عاماً، وهو ما يُفسره البعض على أنه السبب الحقيقي وراء خسارة الحزب هذا الكم من القياديين العسكريين الذين كانت لهم بصمات واضحة وفاعلة في زمن الحرب مع إسرائيل، بعد استنفاده العنصر الشبابي وتمنع اعداد غير قليلة منهم عن المشاركة في هذه الحرب.

يكتوي الحزب بنار حروب يبتكرها هو ويُلاحقها من مكان إلى آخر ويتبرّع بقتل عناصره وقادته بالمجان في سبيل قضايا لا تعود عليه بالنفع ولا بالفائدة ولا على أبناء طائفته. شبح الموت يخطف منه خيرة الشباب« ويُحاصر بيئته من الجهات كافة. ولعل هناك من بدأ يسأل عن قادة من زمن «جبل الرفيع» و»الدبشة» و»علي الطاهر» تحوّلوا اليوم إلى مشروع للموت دفاعاً عن نظام بشار الأسد. يقول احدهم «في حرب تموز وقبلها، سقطت مجموعة من القادة الكبار والشُبّان صغار السن، يومها كان للشهادة معنىّ وقيمة على عكس اليوم إذ تحوّلوا إلى مجرّد أرقام في عمليّة حسابيّة ضيّقة عنوانها «حان وقت القادة».

صرخات متكررة لكنها خجولة لم تجد طريقها بعد إلى مسامع قيادة «حزب الله» التي بدأت بدورها تبحث للمرة الألف عن مخرج يجنبها غضب عائلات تواصل دفع ضريبة الدم نتيجة سياسات لا طريق لها سوى إلى النعوش، ووسط حالات التساؤل هذه، يتمنى البعض أن يستبدل قادة الحزب في المرّات المقبلة زياراتهم لعناصرهم من جرود عرسال الى مناطق أكثر إشتعالاً مثل «القلمون» و«الزبداني» و«إدلب» على غرار قادة «المقاومة» العسكريين والميدانيين الذين بدأوا يدفعون حياتهم ضريبة لسياسات لم تعد ترى في تاريخهم أكثر من مجرّد خطوة لإعادة هرم الحزب المقلوب إلى وضعه الطبيعي.