تورط رئيس الجمهورية ميشال عون في شر اعمال صهره جبران باسيل… قد يكون صحيحا القول للرئيس اليوم «ما هكذا تورد الابل» مع الحلفاء والخصوم، لا سيما ان اتهامات المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء السابقين يوسف فنيانوس وغازي زعيتر وعلي حسن خليل بتهمة الاهمال والتقصير جاءت «بقبة باط» رئاسية، حسب تأكيدات مصادر سياسية قيادية في ٨ آذار ، التي استشهدت ببيان «حزب الله» للدلالة على ان قرار القاضي غير دستوري ومسيس ويجب اعادة النظر به.
وعلى ذمة المصادر ، فان فخامة الرئيس خسر باستهدافه رجال بري في المجلس النيابي والوزاري ورقة رابحة في تشكيل الحكومة، في حين ان استهداف موقع الرئاسة الثالثة عبر اتهام دولة الرئيس حسان دياب هو «خطيئة» العهد المميتة التي ستجبر الرئيس وتركته السياسية في مرحلة قادمة على تقديم تنازلات واعتذارات وابرام تسويات سياسية وحكومية للبقاء في صلب المشهد السياسي.
وعليه، قد يكون غير مبالغا القول ان المعطيات الحكومية لم تعد تصب في مصلحة عون وتياره السياسي بعدما قرر عن سابق تصور وتصميم مواجهة كل الافرقاء اللبنانيين على امل اعادة ترتيب علاقة باسيل مع الولايات المتحدة الاميركية، التي يبدو حسب كل المعطيات المتوافرة انها صرفت النظر حاليا عن التعاون معه بأي شكل من الاشكال.
مصادر رفيعة المستوى في الثنائي الشيعي تجنبت اتهام الرئيس عون وباسيل بالوقوف خلف قرار القاضي صوان بانتظار اتضاح حقيقة ما حصل، الا انها جزمت بأن وضع الحكومة اصبح «تحت الصفر» ولم يعد واضحا اذا كان بالامكان تشكيلها في المدى المنظور دون حصول «معجزة» ، فبعد مشكلة الرئيس عون مع الحريري على حد تعبيرها، جاءت مشكلته مع دياب وبري لتزيد الامور تعقيدا ولتشكل سابقة في العمل السياسي اللبناني.
اما عن تفاصيل هذه النكسة الحكومية، يمكن وفقا للمصادر القيادية في ٨ آذار ، تسجيل التالي:
اولا: رفض عون تشكيلة الحريري ولم يفاوضه بشكل مقنع في مسالة اعادة توزيع الوزارات او التسميات، بل حاول فرض تشكيلة وزارية متكاملة عليه وبالتوازي على القوى السياسية الاخرى مسجلا خرقا دستوريا يعد سابقة من نوعها.
ثانيا: استهدف عون الرئيس نبيه بري شخصيا عبر تشجيع وتاييد قرار المحقق العدلي فادي صوان، ويمكن تبرير هذا الكلام بسكوت عون عن عدم اعتماد معايير موحدة في الادعاءات وحصرها بجهات سياسية محددة للمفارقة انها على خلاف معه ، والخرق الدستوري الثاني الذي يسجل هنا ان وزيرين من المدعى عليهما اي خليل وزعيتر نواب ايضا في المجلس النيابي، وما حصل هو استهداف دستوري للمؤسسة التشريعية التي يرأسها بري ، اي بعد استهداف الموقع السني مرتين، كان استهداف الموقع الشيعي في سابقة اخرى، تسجل للمرة الاولى على الاقل، في عهود ما بعد الطائف.
ثالثا: ما الذي يمنع القوى السياسية الممثلة في البرلمان اللبناني التي غطى عون استهدافها اي حركة امل، والسنة وفي مقدمهم المستقبل دفاعا عن موقع الرئاسة الثالثة، وتيار المردة، من الرد بالمثل والادعاء على عون بعد ان اعترف بنفسه بتبلغه عن وجود نيترات الامونيوم في المرفأ ، وماذا عن مسألة اتهام هذه القوى السياسية للتيار الحر برئاسة باسيل بالهدر والفساد في وزارة الطاقة، لا سيما وان هناك جهات محلية ودولية لن تمانع بتأييد اي توجه من هذا النوع ضد باسيل شخصيا لاسباب وغايات مختلفة.
رابعا: هل يعقل ان يقف حزب الله على «الحياد» اذا ثبت بشكل قاطع ان باسيل وعون يقفان خلف ادعاءات صوان الموجهة الى حليفين اساسيين له في هذا التوقيت الاقليمي والدولي الحساس.
خامسا: كشفت المصادر عن وجود توجه دولي مدعوم محليا واقليميا لاعادة النظر بالنظام اللبناني على خلفية الفوضى السياسية والدستورية القائمة، محملة العهد وتياره مسؤولية تقويض الصلاحيات الدستورية وتجاوزها تحت ستار استعادة حقوق المسيحيين ، والمفارقة هنا بحسب المصادر ، ان فرنسا ليست بعيدة عن اعادة ترتيب المشهد اللبناني وهناك حديث غير مؤكد بعد عن مساع فرنسية لترتيب حوار «لبناني-لبناني» برعاية «اقليمية -دولية» لهذه الغاية ، مؤكدة ان اي ترتيب من هذا النوع يعني تقليص ولاية رئيس الجمهورية.