Site icon IMLebanon

التّهديد والتّعطيل ومنع المحاسبة

 

 

نفس الخوارج القتلة لا يزالون متسلّطين على لبنان وشعبه ودولته ومشهد انفجار 4 آب مجرّد تكرار لكلّ عمليّات القتل الممنهج منذ انفجار 14 شباط سنة 2005 وحتى الآن مشهد رفض التّحقيق والسّعي لمنعه أو تسييسه أو تعطيله ما يعايشه أهل ضحايا انفجار الرّابع من آب ومعهم الشّعب اللبناني هو تكرار لسيناريو حاكه ومثّله وأخرجه حزب الله غير مكترث حتى بكونه المجرم الأكبر في مشاهد القتل والتفجيرات المتكرّرة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصولاً إلى اغتيال بيروت بانفجار 4 آب، سنة ثانية تمرّ على التّفجير المروّع بكلّ الآلام والدّمار والخراب الذّي تسبّب به ونفس الخوارج على الدّولة ما يزالون يصنّفون أنفسهم قتلة برتبة قدّيسين ممنوع التّفكير حتّى بمساءلتهم فكيف بمحاسبتهم منذ سبعة عشر عاماً ولبنان وشعبه يرزحون تحت عبء رهيب مفروض عليهم بقوّة السّلاح وفي ظلّ معادلة مخيفة يفرض فيها القاتل على القتيل ما يسمّى بـ”العيش المشترك” و”الوحدة الوطنيّة” ومطلوب من اللبناني المقتول أن يخضع لكلّ السّياسات التي يفرضها عليه القاتل بما يُناسب أجندته وهيهات أن يتجرّأ أحد على المطالبة بالمحاسبة وتكريس المبدأ البديهي للعدالة التي ترسم الحدّ الفاصل بين الجريمة والعقاب!

 

الأيام المقبلة على لبنان قد تكون أسوأ بكثير من تفجير 4 آب 2020 وأكثر دمويّة وتدميراً من حرب تموز العام 2006 وأفظع بكثير من 7 أيار العام 2008 فاللبنانيّون في مواجهة دولة ذليلة وخائفة وعاجزة عن اتّخاذ أي قرار يضع حدّاً لتسلّط دويلة حزب الله على مصير لبنان وشعبه يغلّفها تارة بالحديث عن المقاومة والتّباهي بسلاحها وتمويلها وتدريبها الإيراني أو بأحاديث الزّور عن العزّة والكرامة فيما النّاس تعيش ذلّ الطوابير في انتظار رغيف الخبر، الأيّام المقبلة صعبة جدّاً لأنّنا مفروض علينا “عيش مشترك” مع طاعة “الوليّ الفقيه” (الإيراني) الذي يبلغ خلاصته في قول أمين عام حزب الله حسن نصرالله: “نحن ملزمون باتّباع الولي الفقيه، ولا يجوز مخالفته. فولاية الفقيه كولاية النبيّ والإمام المعصوم وطاعته واجبة. والذي يردّ على الوليّ الفقيه حكمه فإنه يردّ على الله وعلى أهل البيت” [مجلة العهد العدد 148 الصادرة في 24 نيسان 1987].

 

مأساة تفجير 4 آب وتسلّط الحزب على دور الدّولة في موضوع ترسيم حدود بلوكات النّفط بين كاريش وقانا يفضحان مجدّداً أزمة لبنان الكبرى والحقيقيّة وهي حزب الله وأجندته، وقد أثبتت السّنوات السّبعة عشرة الماضية عمق هذه الأزمة وعدم وجود حلّ لعُقدتها بمعنى أدقّ هذه الأزمة الكبرى مرشّحة للقضاء على الكيان اللبناني، وقد يكون أفضل ما يفعله اللبنانيّون في هذه المواجهة هو عدم الرّضوخ لتهديدات حزب الله والسّعي الدّؤوب للمطالبة بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي وعلى رأسها القرار 1559 والقرار 1701، بوضوح شديد سلاح حزب الله متسلّط على رقاب اللبنانيّين ورقبة الدّولة اللبنانيّة وسيادتها الممنوعة من بسطها على أراضيها وجوّها وبحرها ومصادرة دور مجلس الوزراء مجتمعاً في اتخاذ قرارات السّلم والحرب ورهنها للأجندة الإيرانيّة وتسليم مصير اللبنانيين ليد الوليّ الفقيه علي الخامنئي لأنّ مكرهون على معايشة حزب يدّعي أنّه حزب لبناني يمارس السياسة والسيادة والقيادة ويجرّنا خلفه بعقيدة أنّ “الذي يردّ على الوليّ الفقيه (مرشد الجمهوريّة الإيرانيّة علي الخامنئي) حكمه فإنه يردّ على الله” ولا يُفهم كلام أمين عام حزب الله حسن نصرالله بأن “الله كلّفني” إلا في ضوء أنّ “علي الخامنئي كلّفه” وليس الدّولة اللبنانيّة المعنيّة بالقرارات المصيرية للوطن والشّعب والدّولة!

 

* أدين للقارىء باعتذار عن غياب الهامش لظروف عائلية قاهرة.