IMLebanon

التحقيقات تكشف دور سجن رومية و«محرك الدانمارك»

تتهيّأ خلايا انتحارية للتحرّك في ما يبدو «موجة» جديدة من الانتحاريين افتتحت في جبل محسن. تمكّنت استخبارات الجيش بالتعاون مع الأمن العام من توقيف عدة مشتبه فيهم بالإعداد لتنفيذ عمليات انتحارية. الحرب الأمنية في أوجها، والمواجهة مفتوحة

كشفت مصادر أمنية أنّ عدد الذين أوقفوا، منذ تفجيري جبل محسن الانتحاريين في 10 الشهر الجاري، ضمن ما بات يعرف بـ«الخلايا الانتحارية»، بلغ ١١ موقوفاً، بين انتحاريين وأمنيين. وقد ضُبطت في حوزة هؤلاء أحزمة ناسفة.

وأضافت أن انتحارياً لبنانياً تابعاً لتنظيم «الدولة الإسلامية» دخل الأراضي اللبنانية مكلّفاً تنفيذ عملية انتحارية.

وأوضحت أنّ الانتحاري زكريا ح. كان موقوفاً لدى الأتراك قبل أن يخرج في صفقة التبادل بين أنقرة والتنظيم لإطلاق سراح الديبلوماسيين الأتراك الذين احتجزهم الأخير بعد دخوله مدينة الموصل العراقية. وأُفيد بأنّ الانتحاري من بلدة تلمعيان في عكار، ويعرف بـ«أبو عبد الرحمن الأنصاري»، ويُلقب باسم «أبو يحيى».

وفي ملف التحقيقات في التفجيرين الانتحاريين في جبل محسن، علمت «الأخبار» أن الأجهزة الأمنية تبحث عن المدعو خ.ع. الذي أدى دوراً رئيسياً في العملية، وكان على دراية بكل التفاصيل، وكان آخر من قابل الانتحاريين طه الخيّال وبلال مرعيان قبل تنفيذ العملية.

وأوقفت استخبارات الجيش، أمس، قاسم يوسف تلجة، الذي تبين أنه كان يستقبل الانتحاريين ويوفّر لهم المسكن والمأكل، وقام قبل ساعتين من حصول التفجيرين باستطلاع المكان ثم رافق الانتحاريين لتنفيذ العملية. وكشفت المعلومات أنّ تلجة أوقف بناءً على معلومات مخبرين وإفادة أحد الموقوفين، مشيرة إلى أن والد أحد الانتحاريين ذكر اسمه لدى تقديم إفادته. وكشفت المصادر أن الموقوف كان مرصوداً ومتابعاً من قبل الأجهزة الأمنية، مشيرةً إلى أنّه من ضمن مجموعة المطلوب شادي المولوي.

وفي السياق، علمت «الأخبار» أن الأجهزة الأمنية تشتبه بدور لشاب يدعى م. ا.، موجود في الدانمارك، في تجنيد شبّان انتحاريين لتنفيذ تفجيرات بين لبنان وسوريا. ويشار إلى دور لأتباع إمام مسجد هارون الشيخ خالد حُبلص في استقطاب شبّان وتجنيدهم. وإذ تشير المعطيات الأمنية إلى أنّ «معظم الشبان الذين يدورون في فلك الشيخ أحمد الأسير موضوعون في دائرة الرصد والمراقبة، خشية احتمال ضلوعهم في تفجيرات محتملة»، تكشف مصادر معنية أن الدور الرئيسي في هذه المرحلة يضطلع به كل من تنظيمي «جبهة النصرة» و«الدولة». ويبرز في هذا الإطار اسمان:

الأوّل شادي المولوي، وهو الأكثر شهرة، علماً أنه يتلقّى أوامره من أمير «النصرة» في لبنان، الذي لم يُكشف اسمه بعد، والذي يتلقى الأوامر بدوره من أمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلِّي، بخلاف ما تردد سابقاً بأنّ المولوي صلة الوصل بين التلّي والانتحاريين. فيما تؤكد المعلومات أن أسامة منصور (أبو عمر) لم يدخل مخيم عين الحلوة.

١١ موقوفاً بين انتحاريين وأمنيين ضُبطت في حوزتهم أحزمة ناسفة

أما الثاني، فهو مرتبط بتنظيم «الدولة»، وهو على علاقة بالمدعو ع. ي. التابع للتنظيم الأصولي. وهو موجود في مخيم عين الحلوة ضمن مجموعة بايعت أمير «الدولة» أبو بكر البغدادي، علماً بأنه أحد مؤسسي تنظيم «جند الشام».

وبحسب المعلومات، فإن الأفراد الذين يدورون في فلك تنظيم «الدولة» داخل مخيم عين الحلوة هم: جمال رميض المعروف بـ«الشيشاني» وشادي صبحة وأبوحمزة مبارك وأبو طارق مبارك ومحمد جمعة ويوسف شبايطة ونعيم النعيم.

أما في ما يتعلّق بدور مشايخ في سجن رومية في تجنيد انتحاريين، فتُشير المصادر إلى أنّ رصد الاتصالات يُفيد بأن للسجين «أبو سليم طه» دوراً في تحريك خلايا انتحارية في الخارج. كذلك تحدثت المصادر عن دور يؤديه فضل الشهّال، ابن شقيق الدكتور حسن الشهّال، الموجود في الرقّة، في التنسيق والاستقطاب. وكشفت أنّ الاتصالات بيّنت أن الشهّال عُيّن مساعداً للقاضي الشرعي التابع لتنظيم «الدولة الإسلامية» في الرقة، وأنه يؤدي دوراً في استدراج شبّان للانتقال إلى الداخل السوري.

وتقول المصادر الأمنية إن خطب المساجد وحملات التحريض ورفع شعار «مظلومية أهل السنّة» تساعد المُجنِّدين في استقطاب الشبّان والتغرير بهم.

إمام «مسجد النور» ليس مجنّد انتحاريين

ما إن أُعلنت هوية منفّذي التفجير الانتحاري المزدوج في جبل محسن، حتى بدأ الهمس باسم إمام «مسجد النور» في طرابلس الشيخ محمد إبراهيم على أنّه مُجنِّد الانتحاريين طه الخيّال وبلال مرعيان اللذين كانا يُصليان خلفه في المسجد الكائن في منطقة المنكوبين. إلا أنه لم يتوافر لدى الاجهزة الامنية والقضائية اللبنانية ما يُدين «الشيخ المتشدّد»، كما يصفه كثيرون من أبناء المنطقة.

ويعرف إبراهيم بخطابه المرتفع السقف، وهو شنّ حملة شرسة على وزير الداخلية نهاد المشنوق إثر اقتحام طابق السجناء الإسلاميين في سجن رومية المركزي. ودفعت خُطبه التحريضية الأمنيين الى الشك في دور ما يلعبه، خصوصاً أن علاقته كانت متينة بمنذر الحسن الذي أعلنت استخبارات الجيش أنّه موزّع الأحزمة الناسفة التي ضُبطت في فندق دو روي. كذلك هو ابن شقيق محمد الحاج ديب، ربّ العائلة التي اقترن اسمها بقضايا إرهاب بين لبنان وسوريا وأوروبا. وعزّز هذه الشكوك رصد الأجهزة الأمنية تردّد عدد من الشبّان إلى مسجد النور قبل أن ينفّذوا لاحقاً عمليات انتحارية في الداخل السوري.

إبراهيم، وهو أحد مشايخ حزب التحرير الإسلامي، يؤكد في مجالسه أنّه حاول ثني عدد من الشبّان عن تنفيذ عمليات انتحارية في سوريا، ونجح في إقناع بعضهم فيما أخفق أمام إصرار آخرين. ومن بين هؤلاء شبّان من عكّار والبداوي ووادي النحلة والمنكوبين وطرابلس. كذلك يؤكد أنه فوجئ بعدد من نفّذوا عمليات انتحارية.

مقرّبون من إمام مسجد النور، المسجد الذي كان يتردد إليه الخيّال، أبلغوا «الأخبار» أنّ إبراهيم التقى الانتحاري آخر مرة قبل نحو ستة أشهر في مقهى، وتحدّثا في أمور عامة. ورغم المعلومات التي تتحدّث عن دور الشيخ في تجنيد الانتحاريين، يؤكد رواد مسجده أن دروسه الدينية «تُركّز على الانضباط وعدم اللجوء إلى الأعمال المسلّحة لأنّها لا تُجدي». وينقل هؤلاء أنه وصف التفجيرات في الضاحية الجنوبية بأنّها «غير شرعية وفاعلها ليس شهيداً لحرمة قتل المدنيين والأبرياء»، علماً بأن «الخيال كان بين من استمعوا إلى هذه الدروس». وينفي هؤلاء أن يكون مرعيان من رواد المسجد، مشيرين الى أنّ الخيّال كان في الفترة الأخيرة يتردد إلى الصلاة، ثم يغادر فوراً من دون أن يحضر الدرس، قبل أن يختفي عن الأنظار بعد أحداث باب التبّانة.