Site icon IMLebanon

الإستثمار في النفايات

صرختان صدرتا من «البيت الإشتراكي» أولاهما من وليد جنبلاط محذراً من «المخاطر الإقتصادية» إذا إستمرت الحال على ما هي عليه من دوران في الحلقة المفرغة: فلا شيء طبيعياً أو عاملا في تركيبة هذه الدولة المنكوبة والمنكوب بها اللبنانيون… والثانية من وزيره وائل أبو فاعور الذي حذّر، بدوره، من تفاقم أزمة النفايات وارتداداتها على الصحة العامة مستخدماً كلمة «الكارثة».

وقد أدّى تراكم النفايات في شوارع ومناطق ومدن وبلدات عدة الى مشهد غير مقبول السكوت عنه بأي حال من الأحوال، ناهيك بالروائح الكريهة التي «تعطّر» الأجواء… وأما السموم التي بات يتنشقها اللبنانيون فحديث يطول.

المواطنون اللبنانيون والأجانب الذين يسكنون في هذا البلد، لم يعد يعنيهم أي كلام أو صراع على تناتش «جبنة» النفايات الفاسدة جداً جداً جداً. ولم يعد لهم في مِن يدير «فيلم» النفايات ومِن دار فيه: ممثلون ذوو أدوار رئيسة أو «كومبارس»… ولا حتى هذا الفيلم بوقائعه المذهلة بات يستثير فضولهم ليقبلوا عليه… فقط يهم الناس أن ينتهوا من هذه «المأساة – الملهاة» التي لو وقعت في أي بلد آخر لكانت كفيلة بقلب الطاولة على الكثيرين.

والآن بتنا على موعد مع فض العروض… عروض المناقصات… وهو تدبير جاء متأخراً جداً، ولكنه جاء في أي حال… وهذا في حدّ ذاته بصيص إيجابية يؤمل أنْ يكتمل سريعاً.

ولقد أدى تراكم النفايات الى سيلان لعاب أصحاب المصالح وما أكثرهم في الإستفادة من هذه التلال التي تشوّه لبنان وتلحق به أكبر الأضرار في هذا العصر الذي باتت مسألة البيئة هاجساً لدى الشعوب التي تحترم ذاتها… من ذلك «الإستثمار» في النفايات لجهة تعاقد بلديات عديدة مع تجار وصناعيين على إعادة تدوير المواد المصنّعة من معدن وزجاج ونايلون وكرتون. ولا شك في أن في هذا الإستثمار أرباحاً كبيرة… وهل يفوتنا أن بعضاً من كبار اثرياء نيويورك حققوا ثروات بالمليارات الكثيرة من النفايات؟!. وهذه حقيقة معروفة بالأسماء والوقائع منذ أواخر القرن التاسع عشر وعلى إمتداد القرن العشرين.

وإذا كانت قافلة الأسئلة المحرجة كثيرة في موضوع النفايات ما فتح الباب واسعاً على الإستنتاجات والأقاويل والشائعات و … الحقائق أيضاً، فإن سؤالاً بدهياً بسيطاً يطرح ذاته: لماذا لم تستثمر الدولة في هذا المجال من النفايات منذ عملية كنس الشوارع بمكنسة البلاّن والقندول وحتى سيارات سوكلين؟!

إلاّ أن السؤال الأبرز يبقى  ما يؤمل أن يجيب عليه وزير البيئة الأستاذ محمد المشنوق هو: هل من أفق زمني يمكن التعهد به أمام المواطنين للإنتهاء من هذه الأزمة المقرفة؟!