عندما يواجَه «حزب الله» بالبيانات.. خوفاً على الحكومة
دعوات في «المستقبل» لقلب الطاولة: «7 أيار» مستمرة!
تحار كتلة «المستقبل» كيف ترد على السيد حسن نصر الله، الذي يقاتل السعودية من على المنابر وفي مختلف الساحات. الأدوات التي تملكها بالكاد تسمح لها برفع الصوت. وما يزيد الطين بلة أن الحرب السعودية على الحزب لا تطاله فحسب، بل تطال مباشرةً الرئيس سعد الحريري، الذي لا يحتاج إلى مشاكل إضافية مع الحكم السعودي. فحساسية المملكة تضاعفت، وهي تتوقع الكثير من مؤيديها، والحريري أولهم.
منذ مدة تخلت السعودية عن الاعتماد على «المستقبل» لتنفيذ سياستها في لبنان. أيقنت أن ذلك لا يؤدي عملياً إلا إلى المزيد من تمكين «حزب الله» في الداخل اللبناني. لكنها فوجئت عندما قررت أن «تحارب الحزب بدون وسيط لأن الوسطاء بالكاد يستطيعون الوقوف في صفها، فكيف بالمواجهة عنها».
منذ عاد الرئيس الحريري إلى لبنان لا يمر يوم من دون تصعيد سعودي بوجه الحزب. القرارات المتتالية ثقيلة على رئيس «المستقبل» الذي يتحاور مع الحزب ثنائياً وجماعياً ويشارك معه في الحكومة. ما العمل؟ كيف يجلس مع حزب تصنفه السعودية إرهابياً؟ كانت الخيارات ضيقة أمامه وما تزال، فيما المطلوب منه أن يواكب القرارات الملكية، وهو المحكوم بمعادلة داخلية تفرض عليه إبقاء الخطوط مفتوحة مع الضاحية. وإذا كان الخوف من الفتنة هو أول الأسباب، فإن السعي إلى انتخاب رئيس للجمهورية وثم العودة إلى رئاسة الحكومة هو من الأسباب المصيرية، ويتطلب أولاً وأخيراً تفاهماً بين «المستقبل» والحزب. حدود هذا التفاهم تبقى خاضعة للأخذ والرد، لكن الأكيد أنه يصعب تخطيها.
ثمة في «كتلة المستقبل» من لا يزال يؤمن بأن لا خيار سوى بالحوار والهدوء، لكن فيها أيضاً من يعترض على تمييز رئيسها بين «حزب الله الإرهابي في سوريا» و «الشريك في لبنان». لا يترددون بالقول إن «أعمال حزب الله في لبنان لا تقل خطورتها عن أعماله في الخارج». حتى اليوم لا يلقى هذا الرأي صدى داخل الكتلة ولا لدى رئيسها المتمسك بشعرة معاوية مع الحزب. ما يزال الحريري يفضل اعتماد البيانات الروتينية التي تهاجم الحزب وتدخّله في عدد من الدول، من دون نسيان «توبيخه» على مهاجمة السعودية، والإكثار من تحليل مضمون خطابات نصر الله ولهجته التي «تعكس حالة من التوتر والتصلف يعيشها الحزب»، أو بنصحه «بإجراء مراجعة جدية لانحرافه عن مواجهة العدو الاسرائيلي»، أو غيرها من المواقف التي لا تعدو كونها مجرد مواقف.
تثق الكتلة بأن التصعيد السعودي لن يؤدي إلى زعزعة الأمن، كما تثق بأن الحملة على الحزب مفيدة لزيادة الضغط عليه، وردعه عن إكمال مشاريعه التي تتخطى لبنان. لذلك، ثمة رأي في الكتلة يدعو مراراً إلى قطع الطريق على الحزب وعدم البقاء كشهود زور على سيطرته على البلد. وعليه، هي تدعو إلى الانسحاب من الحوار واستقالة الحكومة والكف عن إعطاء الشرعية لتجاوزات الحزب. أصحاب هذا الرأي يستعيدون فترة العام 2004 عندما استقال الرئيس رفيق الحريري من الحكومة، وكانت نتيجة ذلك على حد قول نائب مستقبلي انسحاب السوري من لبنان. لا يعتبر المصدر أن اغتيال الحريري هو الذي أدى إلى انسحاب السوريين. يقول إن الاغتيال جاء لأنهم أدركوا أنه سيقلب المعادلة في انتخابات العام 2005.
أكثر من ذلك، يرى المصدر أن أي موقف مستقبلي لن يؤدي إلى زعزعة الأمن، ببساطة لأن مفاعيل «7 أيار» لم تنته بعد، ولأن الحزب يستولي على كامل السلطة، والنائب أحمد فتفت سبق أن عبّر عن هذا الرأي عندما نقل عن النائب نواف الموسوي قوله إن الحزب هو الناظم الأمني في لبنان بعد خروج السوري.
وإذا كان المصدر يرى أن الكلفة شعبياً وسياسياً ستكون أفضل مما هي عليه الآن، يقول «لا يعقل أن تستمر حكومة يقول رئيسها إنه لا يأخذ قراراً إذا لم يوافق عليه حزب الله». ذلك الموقف لا يلقى تأييداً واسعاً داخل الكتلة، التي ما يزال معظم أعضائها يصرون على الحفاظ على الحكومة، لما قد ينتج من استقالتها من مفاعيل قانونية ودستورية خطيرة، فيما يحصد الرأي الداعي إلى وقف الحوار مع «حزب الله» تأييد شريحة وازنة في الكتلة، لكنها ليست كافية لإقناع الحريري بالقطع النهائي مع الحزب، على قاعدة أن «البلد لا يحتمل ذلك وأنه مهما اختلفنا فسنعود إلى الجلوس بعضنا مع بعض».