IMLebanon

ما الفرق بين العراقي واللبناني في الرياض؟

 

ببساطة تامة كان يمكن للرئيس اللبناني، أو من يمثل الدولة اللبنانية (باعتبار لبنان يتميز بثروته في تعدد الرؤساء)، ان يحظى في الرياض، أو أبو ظبي، أو الكويت، أو أي بلد عربي خليجي آخر… بما حظي به رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من ترحاب وإهتمام لدى زيارته هذا الأسبوع إلى المملكة العربية السعودية. غير ان حصول ذلك مؤجل حتى إشعار آخر لسبب بسيط. فالمسؤولون عن السلطة في لبنان تخلوا عملياً عن مسؤولياتهم ولزّموا بلدهم من الباطن، إلى دولةٍ أجنبية تُناصب السعودية ودول الخليج العربي العداء وتنهال عليها بقذائف الصمود والبدور والدرونات المفخخة، وتسعى إلى تفخيخها من الداخل بالشبكات والتنظيمات المذهبية خدمة لمصالحها وأوهامها الإمبراطورية.

 

العراق يشبه لبنان في ما يعانيه من جارته المحاذية إيران. وفيه من الحشود الشعبية التي تهدد الكاظمي وحكومته وجمهور العراقيين الوطنيين ما يفوق مثيلها في لبنان. ومع ذلك اكتشف العراقيون ان مصلحتهم تكمن في حُسن العلاقة مع عمقهم الخليجي العربي من دون إغفال ضرورة العلاقة الطبيعية مع جارتهم الشرقية. وقد تخطى الكاظمي كل التهديدات وتظاهرات “احزاب الله” المحلية، والكلام التهديدي الصادر من طهران وتوجه إلى الرياض متمسكاً بنهج الانفتاح والتعاون ورفض تدخل الدول بشؤون جيرانها. واستقبلته المملكة بما يليق. ولي العهد في المطار والمدفعية تُطلق طلقات الترحيب والطيران الحربي السعودي يرسم في الأجواء ألوان العلم العراقي. وبين مراسم الاستقبال والجولة في الدرعية، حيث عمق التاريخ السعودي برفقة الأمير محمد بن سلمان، اتفاق شامل على التنسيق في مختلف المجالات السياسية والأمنية، وعلى صندوق بقيمة ثلاثة مليارات دولار يُخَصصْ للاستثمار في العراق.

 

لدى المقارنة نسترجع تاريخاً من العلاقات الطيبة بين لبنان والسعودية وقد شُطب بشطحة لسان وصمت رسمي لبناني أقرب إلى التواطؤ. كانت المملكة ومعها دول الخليج الداعم الأول للبنان. الملوك والأمراء والشيوخ يحرصون على بيروت والجبل. يمضون فيه عطلاتهم ويشجعون مواطنيهم على العمل والاستثمار وحتى الإقامة فيه. فجأة يحصل الانقلاب. وهو ليس وجهة نظر حزب أو فئة لبنانية، عندما يتحوّل إلى سياسة رسمية يتبناها رأس الدولة ومعاونوه، وتترجم التحاقاً بالخصم الذي ينام ويصحو على لغة الوعيد والتهديد والتخريب.

 

كان يمكن ان يحظى المسؤول اللبناني بمثل ما حظي به المسؤول العراقي في عاصمة المملكة والخليج، الّا انه اختار مكاناً آخر فأورد بلاده وشعبه المآسي التي لا تُغتفر.