غرّد نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه الخاص على «تويتر»، كاتباً: «عدتُ من إيران مطمئناً الى وضعها المستقر بعد أحداث الشغب الأخيرة. لقد بنت أميركا ومن معها آمالاً كبيرة بعدوانها الإعلامي والسياسي والإرهابي على إيران وفشلوا، فالحياة عادية ونشطة. إيران تتقدَّم وتتألَّق».
بالطبع لا يهدف نائب الأمين العام في تأكيده على الاستقرار في إيران، أو في إشارته إلى الحياة العادية والنشطة لشعب يرزح تحت خط الفقر ويعاني من انهيار سعر صرف عملته الوطنية، إلى أكثر من إيصال الرسالة للمراهنين في لبنان على تغيير ما في دولة الوصاية المتحكمة بمصيرهم، بأنّ رهانهم خائب. لذا هو مطمئن.
لكن ماذا عن لبنان؟ هل يعني اطمئنان قاسم أن الأمور عندنا ستبقى على ما هي عليه؟
هذا ما يبدو. وليس على اللبنانيين إلّا الخضوع والاستسلام لواقع بقاء بلدهم بواسطة سلاح «حزب الله» تحت سيطرة كل هذا التألّق والتقدّم. لا محل للآمال الكبيرة، ولا سبيل لحلّ الأزمات، ولا انتخابات حرّة، ولا انتظام للمؤسسات الدستورية ولا تعافي اقتصادي. على أي حال هذه الكماليات غير مطلوبة لأنّها مفسدة للانصياع ومعرقلة لمشاريع محور الممانعة.
المطلوب أن تبقى الأمور كما هي، أي كما وصفها الشيخ الدكتور صادق النابلسي بتغريدة كتب فيها: «حكومات عاجزة عن مواجهة كارتيلات الطحين والترابة والأدوية والمازوت والمصارف. حكومات عاجزة عن مواجهة موظف أميركي يرفع سماعته ويقول لا. (لا للكهرباء، لا للعلاقة مع سوريا، لا لعودة النازحين، لا للقمح الروسي، لا للهبات الإيرانية). حكومات تطالب بوصايات ثم ترفع كذبة عالية اسمها السيادة!»
المفارقة أنّ الكهرباء مرهونة لحليف «الحزب» اللدود حالياً، والعلاقة مع سوريا دونها، وقبل العقوبات الدولية، متفجّرات منقولة في سيارة مستشار «السيد الرئيس» وتفجيرات مساجد وخطط اغتيال… والقائمة تطول. وعودة النازحين مربطها النظام الأسدي قبل القرارات الدولية. والقمح الروسي والهبات الإيرانية، لا تتحقق إلا بالفريش دولار. وليس بالوعود الفضفاضة.
والمفارقة الثانية أنّ هذه الحكومات المتعاقبة هي نتاج «الحزب» المصادِر للسيادة لمصلحة مشغّله وولي أمره ومرشده الأعلى، ولم تكن لتتشكل على نحو ما جاءت عليه إلا برضاه، ولم تكن لتصدر أي قرار أو مرسوم إلّا بعد موافقته، وكانت ولا تزال عاجزة عن تطبيق أي خطة لإنقاذ البلد من انهياره ما دام «الحزب» ومن خلفه إيران ممسكين بكل مرافق الحياة السياسية اللبنانية. والفشل الحاصل في إدارة هذه المرافق مسؤول عنه «الحزب» ومن يأتمر بأمره من أهل المنظومة، وليس «موظفاً أميركيا يرفع سماعته ويقول لا».
فاللاءات التي تشل الدولة هي نتاج مصادرة السيادة وحماية الفساد. وسهل تبيّنها إذا استعدنا اجتهادات الشيخ الدكتور، فهو نفسه صاحب المقولة الشهيرة التالية: «التهريب على الحدود بين لبنان وسوريا لحماية المقاومة، وهو جزء لا يتجزأ من عملية المقاومة والدفاع عن مصالح اللبنانيين تحت الضغط الأميركي والعقوبات الحالية، فإنّ الشعبين اللبناني والسوري يضطران إلى تجاوز بعض الحدود وكسر بعض القوانين من أجل تأمين حاجاتهم المعيشية».
ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ «تجاوز بعض الحدود وكسر بعض القوانين» لم يكن يوماً لخدمة فقراء سوريا ولبنان، بل لأغراض تهريب السلاح والكبتاغون وبرعاية كارتيلات الممانعة، التي ترعى أيضاً رفع منسوب الفوضى والعبثية لإبقاء لبنان ساحة مفتوحة وجاذبة ومشرّعة لتبييض الأموال، ولكل الخارجين عن القوانين المالية للتداول في الكسب المالي غير المشروع.
بالتالي، فإنّ كلّ هذا اللغو لا مكان له من الإعراب ما دامت إيران تتألق وتتقدم…