IMLebanon

إيران «والوطنيّة الشيعيّة»

 

 

أمام مشيئة الله النّاس قسمان قسمٌ مصدّق مؤمن معتبرٌ خائف خاشعٌ أمام عظيم قدرته متأملٌ في رحمته ما بين موت الأحياء وولادة أحياء من الأموات، وقسم يسخر من القسم الأوّل ويتحدّث عن الطبيعة وغضبها وعن الذكاء الصناعي القادر على توقّع الزلازل، وما بينهما أنصاف واقفون على شعرة الإلحاد يحاكمون الله على إرادته ومشيئته، سبحانك اللهمّ ما شاء الله كان وما يشأ لم يكن، لتكن مشيئتك كما في السّماء كذلك على الأرض.

 

قد يكون أفضل ما حدث مع انهيار العراق ووقوعه بين يديْ المشروع الإيراني للمنطقة هو مشروع «الوطنية الشيعية» الذي طرحه الشيخ عمار الحكيم رئيس تيّار الحكمة والعنوان وحده كافٍ لتأكيد كلّ ما ذهب إليه معظم اللبنانيّين حول خطورة مشروع حزب الله على لبنان وتغييره لهويته وإلحاقه بالتبعيّة لإيران، بعد عشرين عاماً على سقوط العراق علا صوتٌ شيعيٌ عاقل في العراق ليطالب «بيئته الشيعيّة» بالولاء للعراق الوطن، وهذا كافٍ لانقضاض جماعة إيران مدّعين أنّ ارتباطهم بإيران ديني عقدي فقط ولكنّهم يظنّون أن الآخرين لا يزال ينطلي عليهم هذا الكلام الكاذب لأنّ ضمن هذه العقيدة الخمينيّة الخامنئيّة المدّعاة هناك دولة ومنظومة حكم وجيوش للمهدي وحكومات تابعة للحكومة «الإسلاميّة» في إيران وهناك قرار حرب وسلم وكلّه بيدِ رجل إيراني يريدون أن يفرضوه على كلّ الشعوب العربيّة شيعيّة وغير شيّعيّة «وليّ أمر المسلمين» و«نائب صاحب الزّمان والعصر والأوان» المهدي الغائب منذ 1040 عاماً.

 

قبل عشرين عاماً مع سقوط العراق بيد إيران حذّر جلالة ملك الأردن عبدالله الثّاني من الهلال الشيعي وخرج نفي هذا الهلال ومشروع إيران لإقامته من لبنان وقد تمّت إقامته بتدمير سوريا وسقوطها تحت الاحتلال الإيراني، وعندما صرّح الرئيس المصري الرّاحل محمد حسني مبارك «أن ولاء الشيعة لإيران وليس لأوطانهم» خرج من يردّ عليه نافياً هذا الولاء، ولكن هل كان الأمر يحتاج عشرين عاماً من خراب المنطقة لتخرج الحقيقة المدويّة من العراق الواقع تحت الاحتلال الإيراني أيضاً؟!

 

في الحقيقة، يرى بعض المؤرّخين المعاصرين أنّ ولاء الشيعة لإيران التي كان اسمها فارس عمره خمسة قرون من أيام الدّولة الصفويّة، وعلى عكس هؤلاء المؤرّخين نرى أنّ ولاء الشّيعة لإيران عمره من عمر هزيمة الفرس في معركة القادسيّة وسقوط إمبراطوريّة كسرى منذ ذلك التّاريخ والشّيعة لم يكونوا عبر تاريخهم إلّا ضدّ دولهم يتلقّون التمويل من فارس ويحرّضون على الثّورات والفوضى ودائماً ما كان «أهل البيت» حجّة وستارة يختبئون خلفها ونظرة على الصّراع والتّقاتل العبّاسي ـ الطّالبي بُعيد قيام الدّولة العباسيّة يفضح حقيقة التقاتل على الحكم لا على الحقّ!

 

منذ خمسة قرون، منذ نشوء الدولة الصفوية سنة (1501 – 1736م)، منذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا الشيعة في العالميْن الإسلامي والعربي تبعاً لإيران سياسياً ومذهبياً، وقد توالى على حكم إيران خلال خمسة قرون عدة دول شيعية فبعد الدولة الصفوية جاءت الدولة الأفشارية (1736- 1796م) بقيادة نادر شاه، فالدولة القاجارية (1794 – 1925م)، ثم الدولة البهلوية (1925-1979م)، وصولاً إلى دولة الخميني 1979 وذراعها في المنطقة دويلة حزب الله في لبنان، ومع هذا يُراد للعراقيين أن يصدّقوا أنّ إيران دولة صديقة، باختصار تذكر الرّواية التّاريخيّة حادثة تكفي لشرح التبعيّة الشيعيّة والسياسيّة لإيران وهذا يكفي للتّأكد أن مشروع «الوطنيّة الشيعيّة» الذي دعا اليه عمّار الحكيم ستسقطه إيران في مهده، يروى أنّه عندما زار شاه إيران القاجاري ناصر الدين العراق سنة 1870م وكان وقتها مدحت باشا حاكماً على العراق، فزار النجف ولم يسمع في الأذان الشيعي «أشهدُ أنَّ علياً وليَّ الله» عندها أمر بإعادة الأذان وذكر الشّهادة الثالثة، ومنذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا يؤذن الشيعة بحسب ما أمر شاه إيران القاجاري!