IMLebanon

على طريقة «ڤلاد الرهيب»  

 

هل تستطيع إيران المُفلسة مساعدة لبنان؟ هذا أمرٌ مستحيل في ظلّ أوضاعها الاقتصادية المنهارة، وبعيداً عن الوضع الإيراني، ليس بإمكان لبنان أن يحمّل عبء الارتماء نهائياً في الحضن الإيراني ومحور الممانعة، لا تزال إيران تحاول جرّ النّصف اللبناني الرّافض لأجندتها ومخططها للبنان وهذا النصف يقاوم أعزلاً وباللحم الحيّ الرغبة الإيرانية العارمة في فرض نظامها على لبنان، وهذا لن يكون بإمكانها تحقيقه حتى وإن جاءت عائلة لاريجاني كلّها إلى لبنان!

 

يشبه وضع لبنان السياسي اليوم، وضعه في مطلع ثمانينات القرن الماضي ما بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل عام 1982 وتهجير القوات المتعددة الجنسيّة عام 1983 والانقلاب الشباطي الذي نفذ بتوجيه ورعاية خمينية ـ أسدية والذي كان النسخة الأولى من 7 أيار العام 2008 وأفضى لوضع اليد على الدولة اللبنانية، تلك المرحلة التي أفضت إلى حرب مدمّرة تلاها اتفاق إقليمي ـ دولي، هو اتفاق الطائف، السيناريو يعاد بوجوه أكثر وقاحة وأبلسة ومع أجندة فاضحة، تترك البلاد غارقة في العجز والانهيار!

 

يمثّل علي لاريجاني الجناح المتشدّد في إيران، وللمناسبة لا بُدّ من تذكير «الغافلين» بأن علي لاريجاني نفسه هو بطل طرح ملفّ المثالثة مع الفرنسيين قبيل حوار «سان كلو» الذي لم يفضِ إلى شيء لكن المشهد اللبناني الفارغ محتاج إلى تعبئة لتقطيع الوقت، في انتظار ما ستسفر عنه الأوضاع الاقتصادية اللبنانية المفزعة مع استحقاق 9 آذار وسندات اليوروبوند، وما هو تصور البنك الدولي لإنقاذ الوضع اللبناني الآيل للسقوط، وهل جديّاً تصدّق الدّولة اللبنانيّة أنّ ما سيطلبه البنك الدولي بإمكانها تطبيقه من دون أن تندلع الفوضى وأعمال شغب تنقل الثورة من مرحلة سلمية إلى مرحلة فوضى تسبق مرحلة دمويّة؟!

 

عندما نشرت في شهر آب الماضي نشرت مجلة «the economist» الإقتصادية العالمية مقالاً تتحدّث فيه عن وضع لبنان الإقتصادي السيئ واحتمال تعرّضه للإنهيار مرفقاً بصورة للعلم اللبناني مفككاً «والأرزة تسقط منه»، يومها قامت القيامة على المجلة ومقالها، اليوم لبنان غارق حتى أذنية في التدحرج نحو قعر الانهيار، «لاَ تَضَعْ يَدَكَ مَعَ الْمُنَافِقِ لِتَكُونَ شَاهِدَ ظُلْمٍ» [يعقوب ٣:١٤]، للأسف تُنافق الدولة نفسها، ليس معقولاً أنّه حتى اليوم هذه الدولة لا تملك قراراً واضحاً تشرحه للبنانيين عن سندات اليوروبوند، ستدفع أم لن تدفع، وما هو وضع لبنان أمام دول العالم الدائنة في حال لم يدفع، وهل من السهل اللعب مع شراة هذه السندات أم أنّ ذلك سيكلّف لبنان غالياً، مجرّد التفكير أنّنا أمام دولة لا تتحمل مسؤولياتها أمر مفزع، ومع هذا تملك الدولة والحكومة ترف تضييع الوقت المتبقي بتجاهل المشكلة!!

 

لا تزال سياسة الهروب إلى الأمام أو إلى الوراء، بل الهروب من مواجهة الأزمات سيّدة الموقف، من قَبْلنا وصفوا حالنا فقالوا: «الفقر كابس والرزق حابس»، وأسوأ من هذا التوصيف فجاجة ما ينطبق بدقّة عل حالنا أنّ «بين السّابق والمسبوق دقة خازوق» ولبنان جالس عليه منذ زمن بعيد وسيبقى على ما يبدو جالساً عليه حتى يلفظ أنفاسه، على طريقة «ڤلاد الرهيب» [فلاد الثالث، «ڤويڤود» (1413-1476) أحد أفراد عائلة دراكوليشتي والذي اشتُهر بلقب دراكولا قبل أن يُطلق عليه اسم «ڤلاد المخوزِق»].

 

المصارحة؛ أقصر طريق لقول الحقائق لأنفسنا، والمصارحة تقود كل طرقها إلى تعرية «الأكذوبات» السياسية المسمّاة «قيادات»، والمصارحة تقتضي أن لا نكذب على أنفسنا، يحتاج هذا البلد إلى عقلاء حقيقيّين، عقلاء يقدّمون مصلحة البلد على مصالحهم الشخصية ومكاسبهم الآنيّة!