Site icon IMLebanon

توقعات بإنفراج في الأشهر الثلاثة المقبلة يقيّده التصعيد الإيراني في اليمن والعراق

تهاوي مؤسسات الدولة سقوط بنيوي وأخلاقي لكل القوى السياسية

 

تتهاوى مؤسسات الدولة اللبنانية على قاعدة السقوط الحر Chute libre. لا شيء يوحي الى الآن أن القيِّمين على تلك المؤسسة الدولية (سواء موالين أم معارضين لأن الدولة ليست بالتأكيد السلطة حصرا) قادرين على كبح جماح السقوط، وهو سقوط بنيوي سياسي وإقتصادي، والأخطر أخلاقي مرتبط بسوء إدارة وكثرة فساد وإفساد، وإنصراف قوى سياسية في الموالاة والمعارضة الى مصالح ضيقة وحسابات سياسية شرهة، بصرف النظر عن المخاطر الجمّة الناجمة عن تداعي الهيكل، وحتى لو أدى كل ذلك الى هدم ما تبقى من عناصر الدولة – الشظية.

 

لا ريب أن الإرتباط اللبناني بالوضع الإقليمي والكباش العربي – الإيراني، ومن ثم الإيراني – الأميركي، يزداد تعقيدا وحِدّةً.

 

1-ثمّة من يقارب التصعيد في الإقليم (من منع ايران المفتشين النوويين من زيارة موقعين، الى إستهداف الحوثيين للمملكة العربية السعودية وكذلك إستهداف القواعد الأميركية في العراق والسفارة أيضا، وليس آخراً مشروع القرار الأميركي إلى مجلس الأمن لتمديد حظر استيراد وتصدير الأسلحة التقليدية من إيران واليها) على انه سينسحب حكما على لبنان مزيدا من التعقيد بغية تعميق الازمة الاقتصادية بحيث يتعذّر الوصول الى حل لها بلا أثمان سياسية على الأرجح لن يكون للبنان القدرة على تسديدها او الإيفاء بها، مما يعني أن المطلوب هدم الهيكل اللبناني لتسهيل إمرار التسويات الكبرى في المنطقة (ضم الضفة الغربية أحدها)، في إستعادة لما عاشه لبنان من حرب ودمار وهدم لأسس الدولة كنتيجة مطلوبة لانضاج اتفاق كامب دايفيد (17 أيلول 1978) وتأمين إستمراريته.

 

المطلوب لبنانياً حدّ أدنى من الصمود والتضامن لتقطيع المرحلة بإنتظار الانفراجات الاقليمية!

 

وتستند وجهة النظر هذه كذلك الى المواقف الأميركية المكثفة التي أعتُبرت دفتر شروط لأي مساعدة للبنان، آخرها وزير الخارجية مايك بومبيو، وقبله مساعده ديفيد شينكر والسفيرة دوروثي شيا، تزامنا مع بدء تنفيذ قانون قيصر والتهديد المتواصل بقانون ماغنيتسكي لمكافحة الفساد والعقوبات التي قد تنتج عنهما، من دون إغفال مشروع قانون السيناتور الجمهوري تيد كروز لوقف أي نوع من أنواع المساعدات للبنان، بما فيها تلك العائدة الى الجيش.

 

2-وهناك من يجزم بتلازم المسارين الإقليمي واللبناني، لكن مع ترجيح إحتمال الوصول الى إنفراجات في الأشهر الثلاثة المقبلة، وربما في أيلول على وجه التحديد قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، ربطا بالمسار الأميركي – الإيراني الذي رغم التعقيدات التي تعتريه ظاهرا، يشهد ما يسميه متابعون في واشنطن «حسن نيات متبادل» نتيجة تحريك ملف الرهائن بين البلدين، الى جانب رسائل غير معلنة عبر أطراف وسيطة.

 

كما يستند القيّمون على هذا الرأي الى واقعة إستعادة الديبلوماسية السعودية بعضا من زخمها عبر التحرك الذي يقوم به السفير وليد البخاري، بما يوحي أن ثمة ضخا للحياة في شرايين العودة العربية الى لبنان بعد إنقطاع طويل على خلفية الأزمة السياسية الناتجة أساسا من الرفض العربي للدور الإقليمي لـ «حزب الله» في العراق واليمن وفلسطين وسوريا، والذي زاد بنحو لافت بعد إغتيال اللواء قاسم سليماني. إذ إن ثمة وجهة نظر وازنة تعتبر أن ترك لبنان ينهار سياسيا وإقتصاديا يعني تسليمه كليا الى حزب الله وإيران التي تجيد ملء الفراغات كما فعلت في العراق إبان الانكفاء الأميركي، وفي سوريا غداة ضمور الدور العربي. الى جانب أن المحور العربي لا يوفر جهدا لمنع تهاوي اليمن وسوريا وفلسطين في الحضن الإيراني، لذا لا بد أن يبذل الحد الأدنى لبنانيا منعا للسقوط المدوّي.

 

ويعتقد القيمون على هذا الرأي أن المطلوب لبنانيا حدا أدنى من الصمود والتضامن لتقطيع المرحلة في إنتظار الآتي من إنفراجات إقليمية في حال صدقت المعطيات والتوقعات، وبعضها مصدره واشنطن نفسها. إذ يُنقل عن أحد المتابعين للخصام الأميركي – الإيراني أن نقاط التباعد ليس كثيرة، وإن كانت عميقة، وهي قابلة للحوار ومن ثم إصلاح ذات البيْن، بدليل ديبلوماسية النيات الحسنة المتبادلة، بما يعني أن العودة الى الحوار المباشر متاح وقابل للحياة في أي لحظة. وتبقى تحكمه مجموعة إعتبارات، في طليعتها مدى حاجة طرفي النزاع له سياسيا وإستراتيجيا، قبل الانتخابات الأميركية أو بعدها. ويُرجَّح أن تراجع الرئيس دونالد ترامب في إستطلاعات الرأي الأخيرة أمام منافسه جو بايدن، قد يشكل حافزا لدى ترامب لخوض غمار الحوار مع إيران نظرا الى حاجته الى إختراق وازن بعد ما تعرّضت له إدارته في الأسابيع الأخيرة من ضرر نتيجة تفشي وباء كورونا وتنامي نسبة العاطلين عن العمل، ومن ثم الاحتجاجات والإضطرابات على خلفية مقتل جورج فلويد.