Site icon IMLebanon

تحكم أو تتحكّم؟  

 

 

إزاء تردّي الأوضاع عموماً في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن يمكن مقاضاة إيران أمام المحكمة الدولية العليا، إنطلاقاً من ادعائها مرات عديدة بأنها هي التي تحكم (والأصح تتحكّم) بهذه البلدان الأربعة، إستناداً الى ما قاله وكرّر القول كبار المسؤولين والقادة الايرانيين من خامنئي الى قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري.

 

وقبل الدخول في وضع كل من تلك البلدان الأربعة على حدة يجدر التوقف عند ظاهرة الاعتراضات الضخمة التي اجتاحت شوارع المدن والبلدات في لبنان وكذلك في العراق وأيضاً في اليمن وأيضاً الى الحرب التي بلا نهاية في سوريا واليمن ليتبيّـن حجم الأضرار الهائلة التي تسببت بها طهران، إضافة الى الرفض العارم لهيمنتها على الشعوب العربية، ناهيك بالحراك الثوري في إيران ذاتها والذي ذهبت أوساط مراقبة وتقارير صحافية رصينة الى أنّ عدد ضحاياه بالآلاف وليس بالمئات التي تعترف بها طهران.

 

١- لبنان: ولو بدأنا ببلدنا حيث الأوضاع «مكربجة» تحت وطأة الأزمات التي تفتك بالاقتصاد وتوسّع رقعة الفقر وتعزز هجرة الشباب من ذوي الكفاءات العالية… لوجدنا أنّ الدين بلغ ٨٦ مليار دولار، والاقتصاد منهار، والليرة اللبنانية تعاني جراء تراجعها أمام الدولار، والإنتاج متوقف، والنمو في مربّع الصفر… وتشكيل الحكومة أزمة في حد ذاتها، وانتخاب رئيس للجمهورية مغامرة طويلة الأمد، وتعيين الوزراء يجب أن يخضع لمزاج إيران عبر وكيلها «حزب الله» الخ… فهل هذا هو الحكم الذي تمارسه إيران عندنا؟!. هذا نموذج عن حكم إيران في لبنان.

 

٢- سوريا: عندما غادر الرئيس حافظ الأسد هذه الدنيا لم تكن سوريا مديونة بليرة سورية واحدة ولا بدولار أميركي واحد، واليوم يلزمها أكثر من ٥٠٠ مليار دولار لإعادة الإعمار، وكانت رقماً صعباً في المنطقة فأصبحت كعكة تتقاسمها الدول والميليشيات، الحرب فيها لا تتوقف منذ تسع سنوات، والدمار الى المزيد والشعب الى التهجير (أمس بالذات أُعلن عن ٢٥٠ ألف سوري ينتظرون للنزوح الى تركيا) إضافة الى نحو ١١ مليون مهجر، أي نصف الشعب، أمّا القتلى فالأرقام مخيفة (…) وهذا نموذج عن حكم إيران في سوريا.

 

٣- العراق: منذ أن سلّمت أميركا النفوذ في العراق الى إيران نزلت اللعنة على هذا البلد العربي العريق الذي بات عاجزاً عن تشكيل حكومة… «بلاد ما بين النهرين» الذي كان أغنى بلد في العالم العربي، بات غارقاً في الديون، وهو الذي كان يملك أقوى جيش في الإقليم باتت الميليشيات تتحكم به… ناهيك بالدماء التي تراق فيه من دون أي توقف منذ سنوات طويلة من دون أي أفق لحلول أو إنفراجات… والأدهى من ذلك كله محاولات إيران المستميتة لإحياء الفتنة السنية –  الشيعية فيه وهو البلد الذي كانت أبوابه موصدة، بقوة، أمام أي رياح لهذه الفتنة التي باتت ملازمة للدور الايراني، حيثما تحلّ طهران نفوذها، وهذا نموذج ثالث عن حكم إيران، هذه المرة في العراق!

 

٤- أمّا اليمن فالمؤسف أنّ هذا البلد العربي الذي كانت السعادة لصيقة باسمه («اليمن السعيد») بات بلد الحروب والدماء والدمار والفواجع، منذ أن وضعت إيران يدها عن طريق الحوثيين… الجرح اليمني لا يزال ينزف بشدّة، لذلك لن نستفيض في تعداد ما يعرفه ويطالعه الناس يومياً عنه، فقط نقول: هذا نموذج رابع أخير وليس آخر عن حكم إيران لليمن.

 

والمضحك المبكي، وأيضاً الموجع أنّ هذا كله يسَوّق له على أنه يجري تحت شعار الممانعة وراية المقاومة… فأي ممانعة وأي مقاومة والجولان طار والقدس طارت، والضفة الغربية يطير كل يوم جزء منها تحت تسمية «المستوطنات» وهي المستعمرات التي يقيمها العدو الاسرائيلي في أنحائها، وفي المقابل يبيعوننا كلاماً عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا… وهم لم يستطيعوا أن يرسموا الحدود مع حليفهم النظام في سوريا كإثبات لبنانية تلك الكيلومترات المعدودة التي يقيمون، تحت ذريعة تحريرها، مشيئة حكم السلاح… فيما يطرح السؤال ذاته: ما هي مساحة المزارع والتلال قياساً فقط الى الجولان المحتل؟!.

 

أهكذا يكون الحكم الايراني للبلدان العربية الأربعة، وهي العاجزة عن حكم أراضيها التي تزلزل تحت آيات الله وهذا النظام الايراني العاجز عن حكم راس… الخيمة؟