IMLebanon

هل انتهى دور إيران؟  

 

ما قاله بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، من أنّ إيران باتت اليوم «أفغانستان الجديدة» وتحوّلت الى مقرّ جديد لتنظيم «القاعدة»… كلام يجب التوقف عنده… خصوصاً أنّ صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت في تقرير لها «أنّ الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، عبدالله أحمد عبدالله، قُتِلَ في طهران في شهر آب الفائت، بأيدٍ إسرائيلية». لكن التقرير لم يُفْصِح عمّا إذا كانت إسرائيل هي التي قامت بعملية الإغتيال.

 

كلام بومبيو الذي قاله في «نادي الصحافة الوطني» وتقرير «نيويورك تايمز»، يدوران في مضمون واحد، هو أنّ إيران صارت بؤرة لـ»القاعدة»، التي يختبئ أفرادها في الجبال، لكنهم يعملون بتوجيه إيراني، ويخضعون للأوامر التي تأتيهم من طهران.

 

لقد وصف بومبيو تحالف إيران و»القاعدة» بـ»ثورة شر هائلة» تنشر الإرهاب في كل أنحاء العالم..

 

لكنّ السؤال الـمُلِحّ هو: لماذا تحالفت إيران مع «القاعدة»؟ فـ»القاعدة» تمثّل التطرّف السنّي، بينما الحرس الثوري الايراني، يمثّل التطرّف الشيعي.

 

الظاهر أنّ قيادات إيران، خصوصاً الحرس الثوري وأنصار ولاية الفقيه، معجبون بتكتيك «القاعدة» لا سيما بعد عملية الحادي عشر من أيلول في نيويورك، فراحت هذه القيادات تعمل بمبدأ «عدو عدوي صديقي»، لقد جمعت المصالح المشتركة بين الأضداد.

 

إشارة الى ان علاقة إيران وإسرائيل ليست سيّئة، ولنتذكّر كيف زوّدت إسرائيل إيران في حربها ضد العراق، وإن كان الرئيس الإيراني ووزير خارجيته يجهلان مثل هذه العلاقة التي بُنيَت أساساً مع الحرس الثوري.

 

ونشير هنا أيضاً الى العلاقة القديمة بين «داعش» و»القاعدة» من خلال المتفجّرات التي كانت «داعش» ترسلها الى الحرس الثوري الايراني بأسعار زهيدة، والهدف زعزعة إستقرار الاميركيين في العراق، واستنزافهم الى أقصى الحدود.

 

لقد تكوّنت قناعة ثابتة عند الإيرانيين بعد الحادي عشر من أيلول، أنّ الإرهاب وممارسته أفضل وسيلة لإخافة الآخرين وبثّ الذّعر فيهم.

 

وفي استعراض لممارسات الحرس الثوري الايراني، نلقي الضوء على تواجده في سوريا للقضاء على ثورة الشعب السوري، لإزالة تحكم النظام به.

 

إنّ إيران تسيطر اليوم على عدد من القواعد العسكرية في سوريا، أهمها مطار دمشق الدولي، حيث يدير الحرس الثوري جزءًا منه، لاستقبال المقاتلين، وتنسيق الدعم اللوجستي للميليشيات الايرانية المتواجدة في سوريا، بالإضافة الى نقل الأسلحة المتطوّرة تقنياً مثل الصواريخ دقيقة التوجيه من إيران الى ميليشيا «حزب الله» عبر سوريا.

 

وقد نقل تقرير معلومات تفيد بأنّ الروس وصلوا الى اتفاق مع الايرانيين لوقف إرسال الأسلحة المتطوّرة الى ميليشيا «حزب الله» عبر المطار، والإنتقال تدريجياً الى استخدام مواقع أخرى متفرقة لتخزين هذه الأسلحة وتنظيم عملية نقلها، واستخدام مطار في الديماس غرب دمشق الى حين تطوير مطار خاص بالإيرانيين في سوريا.

 

وهناك موقع آخر، يسيطر عليه الايرانيون بشكل مباشر هو مطار T4 أو «التيفور» الذي يحمل رسمياً اسم «قاعدة التياس الجوية»، ويقع هذا المطار وسط سوريا شمال مدينة تدمر، ويضم وحدات من الحرس الثوري الايراني تدير عمليات الطائرات من دون طيّار الايرانية في سوريا.

 

مواقع أخرى هي: مطار حماة العسكري، ومطار النيرب في حلب، وجبل عزّان بريف حلب الجنوبي، وقواعد منطقة الكسرة العسكرية جنوب دمشق. كما أنّ هناك وجوداً واسعاً للمستشارين الايرانيين في غرف العمليات الرئيسة بمدينة دمشق.

 

ويظهر الوجود العسكري الايراني في سوريا من خلال حضور الميليشيات الأجنبية تحت اسم لواء «ابو الفضل العباس» بحجة حماية المراقد المقدّسة، وعصائب أهل الحق، وميليشيا حزب الله اللبناني في القصير جنوب غرب حمص والقلمون. الى جانب حركة النجباء وتشكيلات أخرى تدعمها إيران. كما ان حزب الله اللبناني يدير عدة مواقع عسكرية بين محافظة السويداء ومطار الشعلة العسكري، وكتيبة الدفاع الجوّي في السويداء.

 

كما يظهر المستوى الأبرز من النفوذ العسكري لطهران في البلاد، يتمثّل في الميليشيات المحليّة التي تمّ تشكيلها بدعم وتمويل إيراني، كما تمتلك إيران نفوذاً واسعاً جداً في مناطق أخرى، يعتمد على التوجد المختلط للميليشيات الأجنبية التابعة لها والحرس الثوري المتمثّل بـ«فيلق القدس»، كما تمتلك في محافظة حلب، بالإضافة الى نفوذها داخل المدينة، ميليشيات مختلطة وتحديداً في منطقة الريف الجنوبي.

 

من هنا، أعتقد أنّ إيران، وبعد أن كُشِفَ أمرها، قد باتت مُجبرة على تقليص نفوذها، وصولاً الى إزالة دورها نهائياً في أقرب وقت ممكن.