Site icon IMLebanon

إيران الخمينية… العامل الخارجي الوحيد في لبنان!

 

لن يفرض الخارج التسوية التي تطمح اليها غالبية اللبنانيين. وفي استعراض سريع لأَدوار هذا الخارج وحجم تأثيره نكتشف بدقة انه لا خارجَ مؤثراً في لبنان سوى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

الأميركيون وهم لا يزالون، رغم التحليلات التي تخفف من حجمهم وقدراتهم، القوة الأبرز في العالم، لا يمتلكون في بلادنا أدوات الضغط التي تجعلهم قادرين على تغيير الصورة. هم تعاملوا مع الواقع الداخلي اللبناني بمقدار إتصاله بالوضع الإيراني، وعقوباتهم ضد “حزب الله” جاءت في سياق الضغوط على إيران وحرسها وفيلقها. حتى ان التبريرات التي وردت في سياق اعلان العقوبات، جاءت لتتهم “الحزب” المذكور بتنفيذ مهمات إيرانية في لبنان وخارجه.

 

في الشأن اللبناني الآخر، أدارت واشنطن ظهرها. اكتفت بتوجيه النصح وتكرار اللازمات القديمة عن التمسك باستقلال وسيادة ووحدة أراضي لبنان ودعم جيشه وقواه الأمنية. وكل ذلك مفيد، لكنه غير فعّال في فرض تغيير نحو الخروج من الأزمة.

 

الفرنسيون قاموا بأقصى ما يمكنهم القيام به. وضع الرئيس الفرنسي ثقله الشخصي في المعمعة. قابل الجميع وطرح مبادرة ونظّم مؤتمرات دعم ووعد بالمزيد، لكنه فشل في زحزحة اصحاب السلطة من اللبنانيين رغم احتقاره المعلن لهم. وفي لحظة الانتظار اللبناني لتبيان مصير العقوبات التي تبحثها باريس، جاءت قصة تشاد التي تهتم بها فرنسا بمستوى اهتمامها بلبنان، إن لم يكن أكثر. وهكذا بدل أن يأتي ماكرون الى بيروت ليحتفي بالحكومة الجديدة، طار الى نجامينا لتشييع الرئيس إدريس ديبي، وللإطمئنان الى حُسن سير استمرار السلطة الحليفة.

 

الصين لا تهتم كثيراً بتفاصيل اللبنانيين السياسية، لكن روسيا تهتم. موقفها الرسمي لا يحتاج الى شرحٍ مستفيض بعدما استقبلت سعد الحريري ووفد “حزب الله”، وعشية لقاءات أخرى ستعقدها مع أعيان لبنان الآخرين. روسيا مهتمة بلبنان لكن همهّا الأساسي الآن التجديد لبشّار الأسد في سوريا.

 

بعد شهر سيتم ترئيس الأسد ليدخل بقوة في العقد الثالث من حكمه. وروسيا تحتاج في سعيها لتثبيت الرئيس السوري الى تعاون إيراني كامل، وضمان صمت القوى الإقليمية والدولية الأخرى، وهي في حراكها اللبناني تبدو واقفة، حتى اللحظة، وراء إيران، من دون ان تلوح منها قدرات مستقلة كفيلة بتغيير المشهد.

 

إيران الخميني هي في الواقع القوة الخارجية الوحيدة التي تتمتع بأنياب. استثماراتها السياسية والمالية والتسليحية، المستندة الى ايديولوجية دينية مذهبية مقفلة، أتاحت لها تحالفات جعلتها في الواقع تهيمن على المواقع الأساسية الثلاثة في السلطة السياسية، وتمسك بأغلبية المجلس النيابي “سيّد” تلك المواقع، كما سارع الى الاستنتاج الراحل قاسم سليماني بعد الانتخابات النيابية التي أنجبت مجلس النواب الحالي.

 

إيران هي الخارج الوحيد المؤثر في لبنان حتى الآن وإلى إشعار آخر، ولا يبدو مُتاحاً أي حل من دون مشاركتها وموافقتها، وهذا ما تتم ترجمته الى المحكية اللبنانية في سلوكيات العهد وحزبه.