IMLebanon

المنطقة عالقة في فخّ إيران

 

 

من المفارقات أنّ الضغط الاقتصادي الذي يتعرّض له المواطن اللبناني على معظم مستوياته هو من بين العناوين التي طالب البنك الدولي لبنان بها ليقبل بتقديم المساعدة له، ووسط دوّامة الواقع البشع الذي يعيشه اللبنانيّون يرون أنفسهم عالقون أكثر في فخّ المنطقة العالقة في فخّ إيران، وليس بأسوأ من المفاوضات التي تجري بين أميركا وإيران إلا المفاوضات الأيرانيّة السعوديّة، وأكبر مخاوف اللبنانيّين أنّه في حال الاتفاق السعودي والأميركي مع إيران سيكون لبنان ثمناً بخساً ـ كالعادة ـ يتم دفعه هذه المرّة لإيران كما تمّ دفعه دائماً استرضاءً للآخرين، أو في حال فشل المفاوضات أن يكون لبنان أيضاً ثمناً تختطفه إيران منذ العام 1983!

 

لا تملك الدولة اللبنانية ولا «حكومة حزب الله» المفروضة على اللبنانيين ترف تحيّن انتظار وقت المنطقة، ولا معاقبة اللبنانيين وتركهم عالقين تحت رحمة أجندة إيران المجمّدة هذه الأيام، فإيران المنشغلة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بانتخاباتها والجميع سينتظر، ووسط هذا الانتظار ستستمرّ المماحكات اللبنانيّة من دون الوصول إلى نتيجة على الرّغم من إعادة أمين عام حزب الله حسن نصرالله الأمور إلى دائرة حلول الرئيس نبيه برّي، ومحاولة إشاعة أجواء التفاؤل مجدّداً فيها الكثير من الضّحك على عقولنا، إذ لسنا أكثر من مجموعة رهائن بالكاد تتفرج على ما يفعل بها!!

 

من المؤسف أن العرب المنشغلون في الحوار مع طهران لم يفهموا حتى الآن أنّهم لن يكسبوا منها بالحوار ما خسروه في مواجهة اليمن، وأن السيّد الأميركي لن يدافع عنهم مهما باعهم من السلاح وأنّه كان عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم منذ ثمانينات القرن الماضي يوم أوكلوا الأمر إلى صدّام حسين، وأن تمادي إيران التي لا يهزّها اتفاق ولا عقوبات يعني نهايتهم ونهاية حكمهم ودولهم، اليوم تحديداً من المفيد أن يستعيد العرب اليوم كلّ «أهازيج» الخميني عن تصدير الإسلام إلى «الشعوب الإسلاميّة»!!

 

ولبنان الذي لا يملك ترف انتظار المنطقة، لأنّه في حالة غرق حقيقي لن يغرق لوحده، بل سيغرق معه العرب المتآمرون على أنفسهم بل انقضاء أشهر الفرصة الأخيرة، خصوصاً كلّما ظنّوا أنّهم قادرون على البقاء فوق عروشهم فيما إيران تحفر تحت أرجلهم، وسيجدون أنفسهم معنا ومثلنا غارقين في وحول تركهم لبنان فريسة لإيران!

 

لبنان الغارق في غيبوبته والذي لا يرى أبعد من أنفه القصير، بل لا يرى تحت قدميه ويتجاهل عن سابق تصوّر وتصميم كلّ السيناريوهات التي من الممكن أن تندلع في المنطقة، التي تتوزّعها الشّرور وإنذارات الحروب فيما الدولة اللبنانيّة عاجزة حتى عن طرح سؤال جديّ واحد عن مصيره، الناس فقدت قدرتها على الاحتمال، ووسط هذا المشهد السوداويّ يظلّ السّبب الحقيقيّ الذي أوصل لبنان إلى هذا الحال المأسوي هو حزب الله وسلاحه وأجندته الإيرانية، وها هو اليوم يجلس فوق رأس الدولة حاكماً متحكماً،

 

فيما الطبقة السياسيّة تغضّ طرفها عن كلّ الحقائق المخيفة من أجل مصالحها الشخصيّة، ولا يبالون لو مات الشعب كلّه في سبيل بقائهم في مناصبهم، مكتفين بالتراشق التقليدي الذي لا يقدّم ولا يؤخّر، ففي البلد فريق لا يريد لا دولة ولا بلد إلا بما يتناسب مع إيران وحساباتها في المنطقة!!