IMLebanon

“لحّقوا حالكن”!

 

مفاجئ الاتفاق الاستراتيجي بين الصين وإيران، وشديد الأهمية لمستقبل المنطقة والعلاقات الدولية، وسينعكس حتماً على مستقبل لبنان، خصوصاً أنه وثيق الصلة بأحد أبرز “المكوّنات”.

 

لكن رغم أهمية الشراكة الجديدة بين “دولة عظمى” و”دولة اقليمية كبرى” يدها طويلة في معظم دول الاقليم، فمن المبكر للسيد نصرالله رسم ابتسامة عريضة توحي بالاطمئنان وإعلان ان “محور المقاومة” كسب قصب السبق مع الأميركان وجاهز لفرض شروط الاستسلام على من لا يدين له بالولاء أو يريد العيش معه على قدم المساواة، و”لحّقوا حالكن” يا شباب!

 

ينبغي لـ”حزب الله” ان يضع ماء في نبيذه لئلا يسكر بوَهم ما يمكن ان يربحه من انضواء “الجمهورية الاسلامية” تحت عباءة التنين الصيني، ذلك ان “دخول الحمَّام لا يشبه الخروج منه”، وليست البلاد التي حوَّلت “الكتاب الأحمر” جزءاً من التراث الشعبي وحزبَ ماو تسي تونغ أكبرَ مستثمر عالمي كرْماً على درْب لتعطي ايران 400 مليار دولار على مدى ربع قرن في مقابل “علاقات متوازنة” تضمن لطهران حرية الحركة خارج حدودها وتفريخ الأذرعة لتوسيع نفوذها والعبث بأمن جيرانها.

 

يعلم “حزب الله” من غير ان يعترف، ان شعار الامام الخميني “لا شرق ولا غرب” سيدفن الى غير رجعة مع بدء تطبيق الاتفاق مع الصين، اذ ان دولة “الولي الفقيه” ستجد نفسها في أحضان أكبر قوة اقتصادية وبشرية “شرقية” يقودها حزب شيوعي احتفظ من الماركسية بالالحاد، ومن “ديكتاتورية البروليتاريا” جزءها الأول، ومن النزعة الماوية القومية ممارسةَ العنصرية ضد الاتنيات، وليس مسلمو “الايغور” المضطهدون إلا عينة مما تعانيه أقليات صينية تُعدّ بالملايين. ولن تغير الصين هذه الممارسات لمجرد أنْ عقدت شراكة مع ايران أو خشية إغضاب “مجلس الشورى” او “مجلس تشخيص مصلحة النظام”.

 

لا خلاف على ان الاتفاق الاستراتيجي ينقذ الاقتصاد الايراني ويقلل نسبة الفقر المتنامية في بلد حجبت سلطتُه موارده عن أهله. وهو يحمي ظهر ايران في مواجهة الولايات المتحدة ويؤمن لها غطاء دولياً يمتد من أمن نظامها الى سمائها وصولاً الى قاعة مجلس الأمن، لكن ما ستفقده طهران مقابل حفظ “حُكم الملالي” لن يكون أقل من ضبط شهيتها النووية عند حد التخصيب الأدنى إن لم يكن التنضيب الكامل، وطموحِها “الامبراطوري” عند حال الاحباط، ومشروعِ الثورة تحت قبة دولة تيوقراطية وسلطة عارية من “خطاب” صالح للتعمية او الاقناع.

 

يمكن لـ”حزب الله” أن يبتهج بإنقاذ ايران نفسها من العقوبات الاميركية ومن خطر التعرض لضربة عسكرية لكن “لا شيء ببلاش”، فبكين ليست “الأم تريزا”، وبراغماتيتها ومصالحها أعلى قيمة من اي مبدأ، وهي لم تحوّل يوماً “شرقيتها” الى ايديولوجيا بديلة لتنصر دولة ستدور في فلكها ولو كانت بحجم وأهمية ايران… ثم مَن قال للحزب الفرِح بما حققه في سوريا واليمن ولبنان ان الصين لن تستفيد من الاتفاق لتعزيز علاقاتها مع دول الخليج ولتحقيق توافقات ثنائية مع الولايات المتحدة ليست “الجمهورية الاسلامية” فيها إلا ورقة في المزاد تماماً مثلما تعاملت معنا مذ صار حزبها أقوى قوة في لبنان؟

 

قد تربح ايران ومعها “حزب الله” الدنيا من خلال الاتفاق مع الصين لكنهما سيخسران الآخرة. فالاتفاق ينهي مشروع ايران الاسلامي وحلم تصدير الثورة الذي دغدغ الملايين بعد إسقاط الشاه، والحزب يُفترض ان “يلحّق حالو” لتتبقى له مشروعية بعد أن يقول المشروع الأصلي “باي باي”.