Site icon IMLebanon

إيران وبيئتها الحاضنة إقليمياً

بمقدار ما تمكنت من إقناع القوى الكبرى بالغايات السلمية لبرنامجها النووي، لا بد أن تقتنع دول الخليج بأن ايران لا تسعى الى نيل حصة الأسد من النفوذ الإقليمي. لا تمحي سنوات “الاستئساد” بـ”حملة استلطاف” يقودها الرئيس حسن روحاني. لذلك قد لا تكون كافية محاولات تطييب الخواطر مع السعودية. تحتاج المنطقة الملتهبة الى سياسات أكثر اتزاناً وتوازناً.

قاد الرئيس باراك أوباما تغييراً مهماً في السياسات الأميركية منذ عام ٢٠٠٨ وكذلك فعل الرئيس حسن روحاني في التوجهات الايرانية منذ عام ٢٠١٣. ساهم هذا التغيير في إنجاح المفاوضات بين ايران ومجموعة ٥ + ١ للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين الى ألمانيا. خرجت الجمهورية الإسلامية من عزلتها الطويلة. ما عاد ملائماً منطق المواجهة والتصنيف القديم لـ”الشيطان الأكبر” و”محور الشر”. نجحت مقاربة المصلحة المشتركة تحت عنوان الاحترام المتبادل. لا شك في أن هذه الدول تأمل في نتائج طيبة ومردود ايجابي من هذا الاتفاق. به تؤمن الدول الكبرى استثمارات استراتيجية للصناعات النووية السلمية والحربية والنفطية وشريكاً قوياً للحرب على الإرهاب في المنطقة. به تحصل ايران على ما تتعطش اليه من موارد بعد أكثر من ثلاثة عقود من الانزواء والعقوبات.

تحتاج ايران الى بيئة اقليمية حاضنة وملائمة. بيد أن الاقتراح الأخير لمساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان في شأن ضرورة الحوار بين الجمهورية الإسلامية وجيرانها يعكس إقراراً بعمق الأزمة وإدراكاً لها. تشكل الدورة السنوية الـ٧٠ للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك منتدى مناسباً لاستكشاف جدوى أي حوار بين ايران ومجموعة الست لدول مجلس التعاون الخليجي: السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان. بالإضافة الى الاحترام المتبادل، يمكن مصالح هذه الدول السبع أن تلتقي أيضاً على ضرورة المواجهة المنسقة أو المشتركة ضد الجماعات الإرهابية التي تضرب الآن في كل مكان. غير أن غاية كهذه تستوجب أيضاً التخلي عن سياسات “التنمر” أو “الاستئساد” التي أجرت أنهاراً من الدماء في المنطقة.

حمل روحاني تغييراً واضحاً عن سلفه محمود أحمدي نجاد. هذا كان مولعاً بالخطابات النارية. مضى بعيداً في السعي الى “تفريس” الشيعة العرب سياسياً. ساهم كثيراً في تأليب العصبيات الطائفية مع أهل السنة. يعتمد روحاني خطاباً أكثر اتزاناً. حبذا لو تسعى ايران أيضاً الى سياسات أكثر توازناً حيال المشاكل الكثيرة في المنطقة.

يعترف المسؤولون الايرانيون بأن السعودية شهدت تغييراً جوهرياً منذ وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. طبع الملك سلمان بن عبد العزيز عهده الجديد بأسلوب خاص. أظهر أنه لن يقبل بأي انتقاص من ارث السعودية في المنطقة. يدرك أن ايران تحتاج الى بيئتها الحاضنة اقليمياً.

لم تعد تنفع سياسات المواجهة القديمة.