لم يعد خافياً على أحد أنّ القمم الثلاث في المملكة العربية السعودية وتحديداً في مكة المكرّمة، تناقش الوضع الاسلامي والعربي والخليجي في ضوء تحديات المرحلة والتي أبرزها الإعتداءات الايرانية على الأمة ومقدّساتها، وكذلك ذهاب قطر بعيداً في مواقفها المخالفة للإجماع الخليجي… وأيضاً مصير القضية الفلسطينية وما يدار حولها من خفايا وقضايا وقرارات كانت الدول العربية قد اعترضت عليها خصوصاً الكلام على صفقات كانت المملكة أوّل من أعلن رفضها بلسان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأمس بالذات تبيّـن أنّ زيارة جاريد كوشنير (زوج ابنة الرئيس الأميركي) المكلف المفاوضات بين العرب وإسرائيل… إنّ زيارته الى الأردن لم تكن عند المرتجى منها أميركياً، وذهبت وكالات ومصادر أنباء عالمية الى حد القول إنها فشلت، بدليل رفض عاهل الاردن الملك عبدالله الثاني المقترحات التي عرضها عليه صهر الرئيس ترامب.
وفي ما يتعلق بالأزمة الناجمة عن الإعتداءات الايرانية المتواصلة على العرب والمسلمين فمن المؤكد أنّ المملكة نجحت في جمع شمل العرب والمسلمين والخليجيين كذلك في مواقف ضدّ إيران ليس من حيث كونها دولة إنما من حيث إصرارها على مشروعها القائم على الإعتداء على الدول العربية وأيضاً من حيث مشروعها الفتنوي القائم على تشيّع المسلمين.
إيران التي أكدت إصرارها على المشاركة في القمة الاسلامية ولو من دون دعوة من البلد المضيف لن تجد في القمة دولة واحدة تتبنى مواقفها وتدافع عنها، وليست مشاركتها سوى محاولة لذر الرماد في العيون، إذ من غير المتوقع أن تتزحزح عن مواقفها العدوانية التي تحدثنا عنها، أمس، بإسهاب، وعددناها في سوريا والعراق واليمن والبحرين وسواها، إضافة الى احتلالها (منذ أيام الشاه) الجزر الإماراتية الثلاث والتي لا يزال نظام آيات الله يتمسّك بها بزعم أنها أراضٍ إيرانية… وهذا ما يغالطه التاريخ والوثائق المعروفة.
أما في ما يتعلق بالأزمة مع قطر فالشروط الثلاثة عشرة التي وضعتها الدول الخليجية الثلاث وهي المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ورابعتها جمهورية مصر العربية للقبول بعودة المياه الى مجاريها مع الدوحة، لا تزال تتمسّك بها هذه الدول الاربع… وفي طليعة هذه الشروط أن تتخلّى قطر عن التحريض ضد تلك الدول، وأن توقف دعمها للإخوان المسلمين الذين لا يخفون دورهم الارهابي، والذين لا يمر أسبوع من دون أن يحاولوا تنفيذ عمليات إرهابية خصوصاً في مصر.
وبالتالي فسيان أن تحضر قطر الى قمم مكة الثلاث بوفد يترأسه رئيس وزرائها، وأن تحضر إيران القمة الاسلامية من دون أي دعوة من البلد المضيف… فإنّ شيئاً لن يغيّر في التحفظ عن عودة الدوحة، بشكل طبيعي، الى الاتحاد الخليجي العربي، إلاّ إذا عدّلت من سلوكها المؤذي.
ولا شك في أنّ هذا الموقف الواضح قد تبلغه المسؤول القطري، لأنّ المسألة ليست أمراً عابراً يمكن تجاوزه بمجرّد حضور وفد قطري القمّة، إنما بمواقف واضحة يجب الإعلان عنها علانية…
وهذا ما لم يحصل حتى الآن، علماً أنّ عقد القمم في مكة المكرّمة ليس مجرّد مصادفة، إنما لما لهذه الحاضرة الاسلامية الأولى من معانٍ وقِيَم ومبادئ وشرائع تتعارض كلياً مع السلوك الايراني وأيضاً مع السلوك القطري.
عوني الكعكي