من غير المفهوم أن تكون إيران من ضمن الدول الموافقة على بيان التسعة بنود الصادر عن اجتماع فيينا الأخير تجاه الأزمة السورية٬ ثم تخرج تصريحات من طهران تقول إن إيران ستنسحب من مفاوضات محادثات السلام السورية إذا تبّين أنها غير بناءة٬ مشيرة إلى «الدور السلبي» الذي تلعبه السعودية!
وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء نقلت بالأمس عن حسين أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني قوله: «في الجولة الأولى من المحادثات لعبت بعض الدول٬ وخصوصا السعودية دورا سلبيا وغير بناء.. لن تشارك إيران إن لم تكن المحادثات مثمرة»! حسنا٬ ما هذا «الدور السلبي»؟ بل وما الدور الإيجابي الذي تلعبه إيران؟ فإذا كانت السعودية وإيران٬ وجميع من حضروا اجتماع فيينا الأخير قد أقروا البنود التسعة٬ التي تم الاتفاق عليها هناك٬ فكيف يقال إن السعودية لعبت دورا سلبيا؟ ولماذا وافقت إيران أصلا على تلك البنود التسعة؟
الخلاف الواضح للجميع هو مسألة رحيل بشار الأسد٬ وتوقيته٬ والإصرار على ضرورة رحيل الأسد ليس مطلبا سعوديا وحسب٬ بل هو موقع إجماع. والعقبة الثانية بالمفاوضات٬ وبحسب ما ذكره وزير الخارجية السعودي عادل الجبير٬ هي ما يتعلق بتوقيت٬ وسبل انسحاب القوات الأجنبية من سوريا٬ وخصوًصا الإيرانية.
والغريب٬ فيما يتعلق برحيل الأسد٬ أن المرشد الإيراني الأعلى نفسه يرى أن الانتخابات هي المخرج للأزمة٬ وهذا يعني أننا أمام أمرين٬ فإما أن إيران باتت مقتنعة بصعوبة استمرار الأسد٬ ولذلك ترى٬ وعبر المرشد٬ أن الانتخابات هي المخرج الذي يضمن حفظ ماء الوجه لطهران والأسد٬ وإما أن إيران ترى أن تلك الانتخابات تمثل فرصة لها من أجل تزويرها والإبقاء على الأسد٬ الذي تسبب بمقتل قرابة ثلاثمائة ألف سوري!
وبالنسبة لمسألة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا٬ ومنها الإيرانية٬ فالغريب أيًضا أن إيران تقول إن ليس لديها قوات هناك٬ وتدعي أن كل تعزيزاتها العسكرية هي للاستشارة٬ بينما شهد الشهر المنصرم مقتل قيادات إيرانية عسكرية بارزة هناك! بل والأغرب من كل ذلك أن نائب وزير الخارجية الإيراني يقول بتصريحاته الأخيرة: «قلنا إن إيران عززت وجودها في سوريا في الأسابيع الأخيرة. ولا دخل للسعودية في كيفية محاربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للإرهاب»! فبأي منطق تتحدث إيران٬ ولماذا هذا التناقض والتخبط الواضح؟ كيف تجلس إيران على طاولة مفاوضات فيينا٬ وتوافق على البنود التسعة٬ ثم تتحدث عن «الدور السلبي» السعودي؟ وكيف تنفي إيران وجودها العسكري بسوريا٬ ثم تعود وتقره٬ وتقول لا دخل للسعودية في كيفية محاربة إيران للتطرف٬ ثم تطالب طهران نفسها بضرورة التنسيق ضد التطرف! أي منطق هذا؟ هل القصة من الأساس إيرانية إيرانية؟ أم أن طهران تشعر بضعف حجتها في سوريا أمام المجتمع الدولي واختار «المماحكة» مع السعودية خشية الاصطدام بالمجتمع الدولي الآن؟