تتسارع الملفات الإقليمية والدولية، وتتباطىء المستجدات اللبنانية، بعد دعوة الملك السعودي للرئيس الإيراني الى زيارة الرياض، وزيارة الرئيس الصيني الى روسيا، وزيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى الإمارات العربية، يبدو أن لبنان لن يكون ضمن لائحة الملفات الأساسية في المنطقة، إلا اذا دخل “المعطى الإسرائيلي” على الخط.
امس، وصل الرئيس الصيني الى روسيا في زيارة رسمية، عنوانها الأساسي محاولة إيجاد تسوية تُوقف الحرب في أوكرانيا، بعد نجاح الصين في رعاية اتفاق إيراني – سعودي بدأت المنطقة ما عدا لبنان، تقطف ثماره قبل تنفيذه حتى، بينما يستمر التعنت اللبناني في رفض الحوار والنقاش في ملف الرئاسة، وانتظار الخارج لتقديم الحلول، علماً أن الخارج لا يبدو مهتماً اليوم بإنتاج حلول لا تكون محسوبة ومربحة للجميع.
قبل فترة كان يظن البعض أن الوصول الى تسوية في لبنان أسهل من تقارب السعودية وسوريا مثلاً، لكن الواقع يُبيّن ان لبنان سريع التأثر بالأزمات، وبطيء الاستفادة من الإنفراجات، فحين كان يحصل تصعيد على الجبهة اليمنية، أو العلاقات الإيرانية – السعودية، كان ينعكس الأمر في لبنان في ظرف ساعات، فترتفع حدة الخطابات والاتهامات ويقع التعطيل، ويصعب تشكيل الحكومات، ويقع الفراغ عند الاستحقاقات الأساسية، بينما اليوم يبدو أن تقارب السعودية وسوريا بات أقرب من أي تسوية لبنانية.
بحسب مصادر متابعة، فإن الحوار السوري – السعودي يسير على قدم وساق، مشيرة الى أن “الديبلوماسية” السعودية ستعود الى دمشق قبل نهاية شهر نيسان المقبل، وبالتالي فإن العلاقات الديبلوماسية بين السعودية وايران والسعودية وسوريا ستسير بشكل متزامن، كذلك لقاء وزراء الخارجية، حيث تكشف المصادر أن وزير الخارجية السعودي الذي سيلتقي بنظيره الإيراني لن يكون بعيداً عن زيارة سوريا قريباً، او استقبال وزير الخارجية السوري في الرياض، علماً أن اللقاءات السياسية بين الطرفين انطلقت بداية شهر آذار الجاري.
من هنا، يمكن فهم مكانة لبنان بملفات المنطقة، فعندما قلنا أن اليمن اولاً، لم نُكمل باقي الرواية التي، وبحسب المصادر، إن الباقي هو العراق وسوريا، وربما يأتي دور لبنان على جدول أعمال القوى التي تتصارع على ساحته، وعندما تتفق تتركه وحيداً غير قادر على ابتداع الحلول بسبب غياب المسؤولية الوطنية لدى القوى السياسية، التي لا تفكر سوى بمكاسبها الخاصة على حساب مصالح الشعب اللبناني كله، بكل طوائفه.
عندما اعلن الإيرانيون والسعوديون اتفاقهم مع مهلة الشهرين للتطبيق، كان معلوماً أن اليمن هو معيار النجاح أو الفشل، وهنا تؤكد المصادر أن الملف اليمن يسير باتجاه الحل القريب، كاشفة أننا قد نشهد خلال أيام قليلة نجاح صفقة تبادل الأسرى، والتي ستكون بمثابة انطلاق قطار الحل للأزمة اليمنية، وعندها يتم التركيز على الملفات الأخرى.
وبحسب المصادر، فإن الوضع اللبناني سيبقى من تدهور الى تدهور لشهرين مقبلين، متوقعة أن لا يحصل خروقات على مستوى إنهاء الفراغ خلال شهر رمضان على أقل تقدير، إلا في حال بدأت الحلحلة من الداخل، الذي لا يبدو مستعداً بعد لتحمل المسؤوليات وينتظر مفاعيل الإتفاق السعودي – الإيراني، بعد انتظاره سابقاً نتائج اللقاء الخماسي في باريس، وبعده نتائج اللقاء الفرنسي – السعودي في فرنسا، والذي أعاد الملف اللبناني الى ما دون المربع الأول.