IMLebanon

إيران والسعودية لا تختلفان حول لبنان

طهران لا تستطيع التأثير في رئاسة الجمهورية

إيران والسعودية لا تختلفان حول لبنان

لا يؤثر عدم التوصل الى اتفاق فوري حول الملفّ النووي بين إيران والغرب على لبنان، لأنّ المحادثات النووية منفصلة عن سواها من ملفات، بحسب أوساط مطلعة إيرانيا.

وتتساءل الأوساط المطلعة إيرانيا «كيف يمكن أن يؤثر تأجيل الاتفاق مع دول مجموعة الخمسة زائد واحد على لبنان؟ فهل ستنقل إيران مفاعلاتها النووية الى الربوع اللبنانية مثلا؟!».

وتشير هذه الأوساط الى أن بعض الدّول المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية تخاف من النشاط النووي الإيراني ومن الوصول الى اتفاق نهائي، «وهي تعكف على البحث عن أدلّة تثبت بأنّ إيران تضمر أهدافا غير سلميّة، لكنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرّية ناشطة في إيران الواثقة من نفسها ومن أهدافها لتوليد الطاقة السلمية».

يصرّ الإيرانيون على النأي بأنفسهم عن التدخّل بالشؤون اللبنانية وهم يشبهون بذلك السعوديين، فالبلدان الإقليميان الأشدّ تأثيرا على لبنان ينأيان بنفسيهما عن مشاكله الداخلية بشكل صريح.

لا ينفي الإيرانيون في مجالسهم وجود «علاقة ممتازة» مع الحكومة اللبنانية المؤلفة من مكونات سياسية وطائفية متنوعة، ويشددون على دعم لبنان بحكومته جمعاء، أما سؤالهم عن كيفيّة مساعدة لبنان في حلّ عقدة الاستحقاق الرئاسي فيواجهها هؤلاء بسؤال: كيف؟

وإذا أجيبوا أن بإمكانهم فتح خيارات الترشيح لرئاسة الجمهورية عبر إقناع العماد عون بالتراجع لصالح مرشح تسوية يأتي الجواب: «إذا كان حزب الله لا يستطيع القيام بذلك فما الذي يمكن أن تفعله إيران؟».

الزيارة التي قام بها أخيرا الى طهران مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرانسوا جيرو كانت إيجابيّة على عكس ما تمّ تداوله خطأ في بعض وسائل الإعلام.

فالتعاون الثنائي بين طهران وباريس «يطاول ملفات عدّة في المنطقة ويهدف الى توطيد معالم السلم والأمن، وإيران سباقة في البحث عن حلول للمشاكل فكيف إذا كانت فرنسا هي الداعية الى ذلك ايضا؟».

وعمّا إذا تمّ البحث في الملف اللبناني، تكتفي الأوساط المطلعة إيرانيا بالسؤال ممازحة: «لم يربط اللبنانيون أزمات الدنيا كلّها ببلدهم؟ ما يمكن قوله أن زيارة جيرو الى طهران أنها كانت إيجابيّة».

الجيش اللبناني

ما إن اندلعت حوادث عرسال وبريتال ورأت إيران كم أن الجيش اللبناني بحاجة الى اسلحة ومعدات وذخائر، حتى عبّرت عن رغبتها بتزويده بما يحتاجه من دون مقابل «الجيش يمثل لبنان بمكوناته كلها وهو رمز الامّة اللبنانية وهو رأس الحربة في مواجهة إسرائيل وفي الدفاع عن الدول الإسلاميّة التي بدورها لا يجب أن تترك لبنان لوحده في مواجهة التهديدات».

يرى الإيرانيون أنّ وزير الدفاع سمير مقبل كان راضيا عن زيارته لطهران، وتحدّث مرارا عن رغبة إيران بمساعدة الجيش اللبناني بلا أية شروط، لكنّ الإيرانيين يرون أنّ متابعة تفاصيل هبتهم للجيش اللبناني ملقاة على عاتق الحكومة اللبنانية وليس على إيران. ويبدو أنّ الإيرانيين وجدوا عقبات تواجه قبول لبنان لهذه الهبة التي لم تتم الموافقة عليها بعد من قبل الحكومة اللبنانية، ويرون أنه يترتب على وزير الدفاع اللبناني أن يدفع بالوضع قدما.

وتتساءل الأوساط المطلعة إيرانيا: «لم ينتظر لبنان مساعدة دائمة من دول بعيدة منه جغرافيا؟ فحين تكون إيران دولة قريبة منه فإن أولوية المساعدة تقع عليها وعلى سواها من الدول الإقليمية، ولعلّ اللبنانيين اكتشفوا أخيرا من هي الدول التي ترغب بمساعدتهم ومن هي الدول التي تمتنع عن ذلك».

«حزب الله»

لـ»حزب الله» ديناميّاته وسياساته الخاصّة بنظر الإيرانيين، «حزب الله له دور أساسي في حماية لبنان من التهديدات التي تواجهه، ليس من الجنوب فحسب بل في الشمال والشرق». وتتساءل الأوساط المطلعة: «كيف يمكن للبنانيين عدم تقدير مدى الخطر الذي يهدّد لبنان عبر الحدود الشمالية الشرقية، وهو خطر داهم وكبير جدا؟».

العلاقة مع السعودية

يردد الإيرانيون خطاب وزير خارجيتهم محمد جواد ظريف عن ضرورة حسن الجوار مع دول الخليج وخصوصا مع السّعوديّة، مشددين على عدم وجود خلافات مع السعودية وإنمّا «سوء تفاهم» حول بعض القضايا، لكنّه لا يشمل لبنان حيث لا خلاف حول لبنان مع السعودية.

بعد اللقاء الودي في نيويورك بين وزيري خارجية البلدين وزيارة نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للرياض وكلام متداول عن زيارة وشيكة لمحمد جواد ظريف تمهّد لزيارة الرئيس حسن روحاني للسعودية، يبدو بأنّ ثمّة «فرملة» ما حصلت في الموضوع لكنّها ليست من الجانب الإيراني الذي يقول «إنّ طهران لم تتلق دعوة رسمية لزيارة وزير خارجيتها، وهي لا يمكن أن ترفض أيّة دعوة مماثلة من أي دولة كانت.. باستثناء إسرائيل».

تتمثّل استراتيجية الحكومة الإيرانية بتحسين العلاقة مع السعودية وجميع الدول، وخصوصا الجيران الخليجيين، أما دور سلطنة عمان فاقتصر على الملف النووي الإيراني وليس على العلاقة مع الجوار، وخصوصا مع السعودية، حيث يجاهر الإيرانيون بأن العلاقة مع السعودية يومية وقائمة، وثمة تبادل للسفراء وتجارة مشتركة وسياحة متبادلة وحجاج، في حين يختلف الوضع مع الولايات المتحدة الأميركية جذريا!

سوريا والعراق

لا يزال الموقف الإيراني من سوريا هو ذاته: «في سوريا حكومة شرعيّة تواجه جماعات إرهابيّة متطرّفة، وأسلم طريقة لحلّ الأزمة السورية تتمثّل بوقف الدعم والمساعدة للإرهابيين، ووقف الموارد التي تصل إليهم من عائدات الغاز والنّفط وهي تطيل أمد إرهابهم وأمد الأزمة السورية».

لا تفريق بين الجماعات الإرهابية في سوريا بالنسبة الى إيران، فـ»داعش» و»جبهة النّصرة» هما «وجهان لعملة واحدة»، وثمة خشية إيرانية من أن يخلق التحالف الدولي منظمات إرهابيّة جديدة. يتساءل الإيرانيون: «هنالك تحالف يتجاوز عدد دوله الـ50 يقاتلون 30 ألف مقاتل!»

في العراق، وهو الإمتداد الحيوي لإيران، ساعد خبراء إيرانيون الحكومة العراقية بناء على طلبها في منع تمدّد «داعش» الى العاصمة بغداد، لأنّ التحالف لم يفعل شيئا بنظر الإيرانيين لا في العراق ولا في سوريا، جلّ ما فعله هو توجيه بضع ضربات وتدمير مصافي الغاز والبترول وهي جزء من البنى التحتية الأساسية للشعب السوري. وتتساءل الأوساط المطلعة إيرانيا: «من يشتري النفط من هذه المصافي؟ لا يمكن بيع النفط وقبض الأموال من دون المرور ضمن نظام عالمي معقد، حيث الأموال المدفوعة تمرّ في قنوات معينة وتخضع لمنظمات رقابة دولية لنقل الأموال، وبالتالي من السهل تدمير المصافي، لكن يبقى السؤال: من يشتري النفّط؟!».