كلام المستشار الإيراني علي أكبر ولايتي عن مدّ بلاده «يد العون إلى العراق بناء على طلب رسمي من الحكومة العراقية»، يشبه الكلام الذي كان يقوله أرباب النظام الأسدي لتبرير دورهم في لبنان ومصادرة قراره والهيمنة عليه ومحاولة ابتلاعه جرعة جرعة، وبالتقسيط المريح!
وأوجه الشبه لا تتصل بالعموميات فقط بل أيضاً بالخصوصيات والتفاصيل، بحيث أن الحديث الإيراني عن «الحكومة العراقية» الذي يوازي الحديث الاسدي عن «الشرعية اللبنانية» لا يجد تتمته التنفيذية سوى بتغنّي الإيرانيين بـ»الحشد الشعبي» في العراق، مثلما تغنى الأسديون بـ»المقاومة» في لبنان.. ومثلما كانت إسرائيل المحتلة للجنوب اللبناني هي حجّة البيان وزبدة التبرير، فإن «الاحتلال» الداعشي للموصل ولكل تلك المساحة الهائلة من الجغرافيا والاجتماع العراقيين، هو الحجّة التي يتسلّح بها صاحب المشروع الإيراني لتبرير بسط نفوذه وإحكام سيطرته و»ترسيخها» شرعياً وشارعياً.
وتلك أقدار ما كانت لتليق بـ»الشعبين» العراقي واللبناني، ولا بالنتؤات الصادرة عن تعددهما الطائفي والمذهبي (والاثني) والتي سمحت للنظامين الشموليين البعثي الفئوي في سوريا والديني القومي في إيران، بتحويلها إلى نتؤات سلبية أو الدفع باتجاه جعلها حرّاقة ومتفجرة ولا يقدر أحد غيرهما على إطفائها!
ولعبة الأقدار هذه تحتاج إلى بعض التوضيح.. بحيث أن المفارقة المتأتية عن كون نفوذ الخارج الأسدي في لبنان والإيراني في العراق لا يصدر عن أطر أو صيغ أو نتاجات متطورة أكثر من الذين تستهدفهم بالتهذيب والتشذيب و»المساعدة» و»مدّ يد العون».. فإن هذه المفارقة ذاتها هي التي تثير المقارنات وتهيّج نوازع النوستالجيا بغير الاتجاه «التقدمي» المألوف.. أي باتجاه تمني (مجدداً: تمني!) العودة بالتاريخ إلى الزمن الاستعماري الغربي! الذي وإن كانت نوازعه المفترضة بنت حرام فإن نتاجاته التعليمية والتثقيفية والتنويرية والتنموية، وحتى السياسية، كانت ولا تزال جزءاً من أفضل محطات التاريخ الحديث للعراقيين واللبنانيين على حدّ سواء!
صدّر النظامان البعثي الأسدي والديني القومي الإيراني، إلى اللبنانيين والعراقيين، خيرة نتاجاتهما، وهذه مرئية ومنشافة في كل هذا التخريب العظيم والعميم، وكل هذه البلايا والنكبات المستحيلة.. لكن ذلك تماماً يدفع إلى استنتاج شيء آخر من تشابه الأداء بينهما: مردود الصادرات الإيرانية على النظام في أرضه، قد لا يختلف كثيراً عن مردود الصادرات الأسدية على النظام في أرضه! إلا إذا «انتبه» الإيرانيون قبل فوات الأوان، إلى الضرورة الحاسمة لتعديل أدائهم، كي لا تتشابه وارداتهم مع صادراتهم!!