IMLebanon

إيران والإرهاب

 

لاشك في أنّ إيران تستهدف البلدان العربية، فطهران ذاتها أعلنت مراراً وتكراراً انها تهيمن على أربع عواصم عربية وأنها صاحبة القرار فيها، فالقول بالهيمنة الايرانية ليس بدعة ولا هو انتقاء في غير موضعه، إنما هو ترجمة لما أعلنه ولا يزال يعلنه كبار المسؤولين الايرانيين بألسنتهم مباشرة وفي غير مناسبة، مؤكدين على أنّ بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء خاضعة لنفوذهم الكلّي، فلم يتوقف المرشد الأعلى الولي الفقيه خامنئي عن ترداد هذا القول الذي يكرره من بعده رئيس الجمهورية الايرانية وقائد الحرس الثوري خصوصاً قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الذي هو بمثابة الأداة التنفيذية لهذه الهيمنة…

 

لذلك كان طبيعياً أن يستأثر «التدخل الايراني» بقسط وافر من أعمال القمة الاوروبية – العربية التي عُقدت أمس في شرم الشيخ برئاسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كون مصر هي البلد المضيف، وكلمة «التدخل» هي تعبير ملطّف عن حقيقة الدور السلبي التخريبي والارهابي الذي تمارسه إيران في العالم العربي.

 

ولقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في القمة لتتصدّى لهذا الجنوح الايراني نحو الهيمنة على البلدان العربية واستنزاف الثروات العربية وتعريض الأمة وبلدانها الى أخطار أمنية واقتصادية واستراتيجية في العموم، فقد طالب الملك السعودي بوضوح كامل «بموقف دولي للضغط على طهران لمنعها من التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار العربية»(…) مؤكداً على «العمل العربي المشترك لمحاربة الارهاب».

 

وكان الرئيس السيسي افتتح القمة بكلمة كشف فيها «أنّ الارهاب يستشري سواء عبر انتقال العناصر المتطرفة من خلال الحدود من دولة الى دولة أم اتخاذهم بعض الدول ملاذاً آمناً لحين عودتهم الى ممارسة إرهابهم المقيت»(…).

 

وفي الواقع يلتقي الرئيس المصري والملك السعودي على النقط المشتركة بحيث أنّ خطابيهما يشكلان موقفاً متكاملاً ليس في هذه القمة بل في مختلف المناسبات والمنابر أيضاً.

 

القمة تشارك فيها 49 دولة بينها الـ21 دولة عربية (أي مجموع دول الجامعة العربية باستثناء سوريا) و28 دولة أوروبية، أي جميع هذه الدول بما فيها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا، وبريطانيا أيضاً التي قررت أن تخرج من الاتحاد الاوروبي كانت مشاركة على أرفع مستوى أي برئيسة وزرائها المسز ماي.

 

ويبدو التصدّي للتدخل الايراني في البلدان العربية مهمّة مستعجلة بالرغم ممّا يحفل به جدول أعمال هذه القمة من قضايا أساسية وحيوية وهموم مشتركة… ويكفي أن يُعرض على القمة تداعيات «التدخل» الايراني، على سبيل المثال لا الحصر:

 

أين كانت سوريا وأين أصبحت؟

وأين كان العراق وأين أصبح؟

 

وأين كان اليمن وأين أصبح؟

 

وكيف تواطأت إيران وإسرائيل (بالتواطؤ مع الدول الكبرى) ضد الدول العربية من حيث إطلاق يد إيران في أن تستبيح مقدرات هذه البلدان.

 

والأسوأ أنّ الدول العظمى، من الولايات المتحدة الاميركية الى روسيا (وما بينهما) تعمد الى «تدليل» إيران… وإلاّ كيف نفهم الغزو الاميركي للعراق وما أعقبه من حل الجيش العراقي وإباحة البلد أمام الارهاب والعبث الايراني… وفي المقابل يجري غضّ النظر الفعلي عن إيران إلاّ بالكلام الذي ينطوي على كثير من الكذب والنفاق…

 

باختصار، هذه القمة لن تطلع بالعجائب، ولكنها في حد ذاتها دليل عافية على الرغم ممّا بين أطرافها من تناقضات… وبالتالي إذا كان الارهاب موضوعاً بارزاً، وربّما الابرز في جدول أعمالها فيجب النظر إليه بالعينين الاثنتين وليس بالعين الواحدة، فإذا كان صحيحاً أنّ هناك إرهاباً إخوانياً وراءه تركيا، فالصحيح كذلك أنّ الوجه الآخر للارهاب وراءه إيران، وهو الذي قاد الى تقوية الارهاب الآخر.

 

والمؤمل من الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي عانى بلده كثيراً وكثيراً وكثيراً من إرهاب «الإخوان» أن يشمل الارهاب الايراني في المشروع الذي يدعو إليه لمواجهة الارهاب…

 

عوني الكعكي