Site icon IMLebanon

عن إيران والصراع العربي ـ الفارسي

أن يستمر حزب الله في خداع جمهوره وممارسة التعمية على حقيقة الصراع الذي يخوضه في لبنان وسوريا والعراق وباقي دول المنطقة بالنيابة عن مشروع إيران لـ»الإمبراطوريّة الفارسية» فهذا شأنه، ولكن أن يضحك على اللبنانيين ليخدعهم بأنّه يواجه «التكفيريين» في سوريا، فهذا شأن جميع اللبنانيين الرافضين لسياسة إغراق لبنان في مستنقع الوهم الإيراني الكبير!!

والإمعان في خداع اللبنانيين يصرّ عليه جماعة حزب الله في كلّ خطاب أو كلمة ينطقون بها، وآخر ما تفتّقت عنه قريحة النائب نواف الموسوي هي مسؤوليّة تيّار المستقبل عن التعطيل في لبنان، ومع هذا الحوار اللاواقعي واللاموضوعي مستمر بين فريقين لا توجد نقطة التقاء واحدة بينهما!! وبصرف النظر عن هذه الاتهامات غير ذات القيمة، خرج علينا النائب نواف الموسوي باتهام ساذج يفترض أنّ الناس بلهاء ويُضحك على عقولهم بأيّ كلام يسعى حزب الله في الترويج له وبحسب الموسوي فـ»البعض يحاول تغيير صورة هذه المعركة لأسباب تتعلق بدوره ومستقبله، معتبراً ان المعركة ليست بين مذاهب أو قوميات»!!

وهنا لا بدّ من إعادة تبيان وتوضيح حقيقة الصراع العربي ـ الفارسي، وإن حاول حزب الله تمويه هذه الحقيقة، فالحرب التي تخوضها إيران هي حرب فارسيّة إنما بـ»قناع شيعي»، وتستخدم شيعة المنطقة حطباً لإشعال هذه النيران عبر سيطرة ميليشيات إرهابية كحزب الله تستعين بها لتنفيذ مخططاتها في المنطقة العربيّة…

وقد تكون أفضل دلالة على قِدَمِ هذا الصراع أبيات للشاعر مهيار الديلمي «فارسي الأصل من أهل بغداد وقد غلا في أفكاره حتى قال له أبو القاسم ابن برهان: يا مهيار انتقلت من زاوية في النار إلى أخرى فيها مجوسياً وأسلمت فصرت تسبّ الصحابة»، ولمهيار هذا ديوان شعر في أربعة أجزاء يتفاخر فيه على العرب بقومه، ويقول في إحدى قصائده: «لا تخالـي نـسباً يخفضني/ أنا من يرضيك عندَ النسبِ/ قومي استولوا على الدهر فتىً/ ومشوا فوق رؤوس الحِقبِ/ عممـوا بالشمس هاماتِـهم/ وبنوا أبياتـهم بالشـهبِ/ فأبي «كسـرى» على إيوانهِ/ أين في الناس أبُ مثل أبي»!! فأيّ خداع بعد هذا الذي يمارسه حزب الله؟!

 نعم إنّ الصراع في المنطقة وفي سوريا والعراق ولبنان تحديداً هو صراع بين قوميتين، وهو في وجه من وجوهه صراع بين مذهبين، والصراع العربي ـ الفارسي عمره من عمر انهيار ملك «كسرى» آخر ملوك ساسان «المقدّس»!!

وهذا الكره الفارسي للعرب قد يبدو شكلاً أنّه بدأ في العصر العباسي، لكنه عمليّاً بدأ قبل ذلك بكثير، وليس بمستعصٍ على أيّ باحث أن يسمع تردّد أصداء هذا الكره في الموروث الأدبي الفارسي والمستمر حتى اليوم في مؤلفاتهم والذي يكن «احتقاراً» شديداً لكلّ ما هو عربي، وهنا لا بد من الاستعانة بالشاعر الفارسي الرودكي الذي أعلن بوقاحة حقيقة هذا الكره وأسبابه: «عمر بشكست پشته هجبران عجم را برباد فنا داد رگ وريش جم را، اين عربده وخصم خلافة زعلي نسيت با آل عمر كينه قديم أست عجم را»، وترجمتها بالعربيّة: «أن الصراع والعداوة مع العرب ليس حبا بعلي والدفاع عن حقه في الخلافة ولكنها البغضاء والعداوة لعمر الذي كسر ظهر العجم وهدّ حضارتهم»، ولا يختلف هذا الكلام كثيراً في مضمونه عن مقولة الخميني: «إننا نواجه الدنيا مواجهة عقائدية»!!

وقد يكون فيما قاله الإحقاقي صورة تعبّر تعبيراً فجاً عن صورة العرب «الأوباش»: «إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران والروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين والمعاملة التي تلقوها من الأعراب البدائيين الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة، أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب وشريعة العرب فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة، وذلك الخراب والدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة والأراضي العامرة في الشرق والغرب وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة وناموس الدولتين الملكية [الفرس] والإمبراطورية [الروم]» [رسالة الإيمان ص 323 – ميرزا حسن الحائري الإحقاقي – مكتبة الصادق – الكويت ط 2  1412]، ونظرة على التشفّي والدور الإيراني في العراق توضح جلياً إنهم يطلبون ثأر كسرى بعد ألف وأربعماية عام ويزيد على تمزّق ملكه!!