IMLebanon

إيران و«التحالف الإسلامي»

لم يكن موقف ايران العدائي من السعودية وكل المحيط العربي والاسلامي «المختلف»، يحتاج الى أي اضافات. لا في السياسة ولا في غيرها. لكنه مع ذلك، وَجَد في الاعلان عن قيام التحالف الاسلامي لمكافحة الارهاب، حجّة جديدة لتسعير العداء ورفع منسوب الخلاف والاختلاف، مع الرياض أولاً وأساساً.

وذلك يدلّ، وبمعونة الايرانيين وأتباعهم قبل غيرهم، على أن العداء في أداء طهران هو الاساس، وعنوان ذلك العداء هو الفرع! أي ان القيادة الايرانية «تنطلق» من سياق مبدئي عريض هو اعتبار المملكة العربية السعودية عدوّاً، بغض النظر عن السبب! فذلك يمكن أن يكون على العراق، او على لبنان، أو على سوريا أو على «خدمة الحجاج»! أو على أسعار النفط، أو على اليمن.. أو على أي إطار آخر يمكن ان يرفد النوازع الاولى والاصلية ويغذيها سياسياً و»فكرياً»!

وما يُعين على هذا الاستنتاج، هو تماماً ذلك الموقف الهستيري الذي انطلق من إيران وتوابعها إزاء خطوة إعلان قيام التحالف ضد الارهاب، من الرياض وعلى لسان وليّ وليّ العهد الأمير محمد بن سليمان. باعتبار ان التصدي للفكر التكفيري الارهابي الراهن، يُفترض ان يصبّ في خدمة الاسلام العام، بغض النظر عن الفروقات المذهبية.. وذلك أمر تقول طهران انه رافعة جمهوريتها وعنوانها (الوحيد!).. ويستحيل منطقياً تبعاً لما يحصل اقليمياً ودولياً، ان تظل على افتراضاتها القائلة، إن التشويه الذي يسببه الارهاب إنما يطال «جزءاً من الاسلام» الأكثري خصوصاً، وليس «كل الاسلام».. ومع ذلك فهي خرجت من ثيابها، على ما يُقال، وبدأت الردح سياسياً وإعلامياً، وبطريقة تثير العجب كل العجب!

ثم اذا كانت طهران التي تدّعي ان الارهاب هو عدوها الميداني المباشر في العراق وسوريا، وتحشد ما تحشده في محاربته، فلماذا تبدي كل ذلك الانزعاج والقنوط والغضب، إزاء خطوة كبيرة بكل المقاييس مخصصة حصراً لمحاربة ذلك الارهاب؟!

ذلك يدفع الى تذخير الفكرة القائلة إن طهران المتهمة بالاستثمار السياسي في الارهاب الداعشي، والمتهمة قبلاً باستخدام الارهاب كأحد الأسلحة في مشروعها العام، صُدِمت بالخطوة التي خرجت من الرياض، قبل أن تُصدم بمفاعيلها التي لم تكتمل بعد. أي الخطوة التي تعني في ظاهرها كما في عمقها، ان السعودية تقود المسلمين الى حرب ضد استخدام الاسلام كمشروع نفوذ سياسي قتالي وملتبس، وضد تلويث الاسلام بلوثة العدمية وثقافة القلعة والحصار، وإشاعة القتل وارتكابات الضواري في عالم اليوم.. وضد جعل الاسلام عنوان فتنة عبثية لا قعر لها.

كأن إيران انتبهت بسرعة الى أن الخطوة التي خرجت من الرياض ستحفز المقارنة. وستضيء أول ما تضيء، على النواحي المعتمة في مشروعها القومي المذهبي. وعلى إنها لم تتورع ولا تتورع، عن استخدام أي معطى في ذلك المشروع، حتى لو أدى الى إلحاق كل ذلك الخراب والأذى بالعنوان الاسلامي الجامع نصاً وبشراً! ولهذا ولغيره، خرجت بكل تلك العدائية إزاء خطوة يفترض أن تكون منافعها عامة، وأضافتها الى سلّة العناوين الفرعية لموقفها العدائي الاساسي إزاء السعودية وكل المحيط العربي!