IMLebanon

إيران و«موّال» النووي  

 

عادت إيران لتغنّي «موّالها» النووي، مع إصدار المرشد الإيراني علي الخامنئي أوامره الى منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالاستعداد لتحضير 190 ألف وحدة فصل لتخصيب اليورانيوم، التمسّك الأوروبي بالاتفاق النووي مع إيران لم ينجح في جعلها تتمسك به، أساساً المجموعة الأوروبيّة على درجة من الغباء السياسي إذ تعلن تمسكها بهذا الاتفاق فيما الشركات الأوروبيّة تغادر إيران على عجل خوفاً من قرارات العقوبات الأميركية، نظنّ أن ردّ الخامنئي على الحكومات الأوروبيّة واضح «أقول لهذه الحكومات، لتعلم أن ما تحلم به لن يتحقق.. وأن الشعب والحكومة الإيرانية لن يتحملا أن يفرض الحظر وأيضاً أن تخضع لقيود نووية».

 

لا بدّ من أحداث كبيرة تقع تعيد إيران إلى طاولة التنازل لتضيف إلى بنود الاتفاق النووي بنوداً تتعلق بصواريخها الباليستيّة وتمويلها للميليشيات الإرهابيّة وسيحدث هذا عاجلاً أو آجلاً، ستترك إيران لتواجه عقوبات إقتصادية كبرى تخلخل بنية نظامها القمعي، خصوصاً وأنها تعيش تدهوراً وانهياراً تاريخياً في سعر عملتها، حكمة التاريخ تقول لكلّ ذروة انحدار ولكلّ بداية نهاية، ونهاية إيران الخميني آتية لا محالة.

طبعاً واحدة من السخافات الإيرانيّة هي تلك التي تصنّف فيها إيران الأقوى في المنطقة، هذه «العنترة» استعادها الخامنئي في خطابه في الذكرى التاسعة والعشرين لوفاة الخميني معلناً «إن القوة الصاروخية الايرانية باتت الاولى في المنطقة»، هذه فذلكاتٌ واهية، ومن الأولى أن يفكّر الخامنئي كيف سيطعم الشعب الإيراني لأنّ الصواريخ لا تؤكل، وهو يعرف أنّ ثمن استخدامها عسكرياً مساوٍ لتدمير إيران ونهاية نظامه، وأنّ نظام الملالي في هذه المرحلة أقصى ما يهمّه البقاء على قيد الحياة، في كلّ هذه المعادلة ما يريده النظام الإيراني هو الاستمرار.. والاستمرار فقط.

ثمة مثل يقول «اللي ما بينبع بيخلص»، لم يعد هناك اقتصاد ينبع في إيران يسمح لنظامها بالاستمرار، كم سنة بإمكان هذا النظام الصمود بعد؟ الشهر الماضي نشرت مجلة نيوزويك الأميركية رأي الخبير في السيطرة على الأسلحة النووية وانتشارها بالمجلس الأطلنطي ماثيو كروينغ الذي اعتبر أن «أفضل تقدير للفترة بين اليوم ولحظة إنتاج إيران يورانيوم عالي التخصيب قابل لإنتاج قنبلة هو 12 شهراً بالضبط في حال العودة لتفعيل برنامجها النووي بأقصى طاقة»، بعد كل هذه الهمروجة تحتاج إيران سنة لإنتاج قنبلة نووية، هذا إذا افترضنا أنّ الدول المعنيّة ستنتظرها سنة حتى تنتج هذه القنبلة!

خلال عقدين من الزمن لعبت إيران لعبة استفرادها بالمنطقة مقابل الاتفاق النووي، ومن المؤسف أنّها وافقها في البيت الأبيض رئيس مارس أغبى دور في تاريخ السياسة الأميركية، فأعطاها المنطقة وأخذ الاتفاق، إيران بالرغم من اتخاذها قراراً اليوم بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم، خسرت الاتفاق وعلى وشك أن تخسر المنطقة وعلى حافة انهيار اقتصادي، فعلامَ ستساوم أميركا وإسرائيل التهديد بتدمير إسرائيل بات أشبه بالنكتة، تعرضت قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا للعديد من الغارات، ومع هذا لم تتجرأ إيران على الردّ والتهديد بصواريخ حزب الله المئة ألف لم يعد يشكّل أي تهديد إن حاولت إيران استخدامه، فالمعادلة التي نشأت على الأرجح منذ انسحاب أميركا من الاتفاق النووي هي تل أبيب = طهران، المنطقة في حال ترقّب، سيتم إبعاد إيران وميليشياتها من سوريا، وسيخسر حزب الله بهذا الانسحاب ظهيراً قوياً استخدمه بالتهديد بأن أي حرب مقبلة ستشهد قدوم عشرات آلاف الميليشيات من العراق واليمن للقتال إلى جانب حزب الله، هذا الاستقواء بالميليشيات الشيعيّة سقط أيضاً، فماذا هي إيران فاعلة؟!