«فلو كان هذا البيت لله ربّنا/ لصبَّ علينا النار من فوقنا صبّاً/ لأنّـا حججنا حجة جاهلية/ محللة لم تبقِ شرقاً ولا غرباً/ وإنا تركنا بين زمزم والصفا/ جنائز لا تبغي سوى ربها رباً»، بهذه الكلمات نطق أبو طاهر القرمطي ـ قبل أكثر من ألف عام ـ بعد انتهائه من قتل حجاج بيت الله الحرام وأمره بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها وشققها بين أصحابه، ثم أمر بعد ذلك بقلع الحجر الأسود فجاءه رجل فضربه بسلاحه، وهو يقول أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود، وأخذوه إلى بلادهم وخرجوا وهم يرددون هذه الأبيات»!!
وليس ببعيد من هذه الدموية ما تروّج له إيران الخمينيّة وتسمّيه في كلّ عام «البراءة من المشركين» في الشغب الذي تحضّر لإثارته في حجّ كلّ عام، ولا لما تسمّيه «دماء على ستار الكعبة» ترويجاً لما تسميه «ظهور المهدي»، وفي آب 2009 دعا علي سعيدي ممثل مرشد الجمهورية الايرانية آية الله علي خامنئي في الحرس الثوري إلى ضرورة إحداث تغييرات واسعة في البلدان المجاورة لايران «تمهيداً لظهور المهدي المنتظر» واعتبر الإمتثال للمرشد علي الخامنئي «طاعة للمهدي»!!
ليس سرّاً أنّ إيران سبق وأعلنت على لسان هاشمي رفسنجاني أنها ستحرر الأماكن المقدسة من الوهابيين، وسبق وخططت إيران لأعمال جهنميّة في مواسم حجّ عديدة، ففي عام 1406 هجري حطت طائرة حجاج إيرانية وعندما تم تفتيش متاعهم من قبل رجال الجمارك تبين أن جميع ركابها يخبئون في قاعدة حقائبهم مادة متفجرة شديدة الانفجار، وفي موسم حج عام 1409 هجرية قامت مجموعة تنتمي لمنظمة الدعوة الكويتية بتفجير عبوات ناسفة بمكة أدت لمقتل بعض الحجاج الباكستانيين، وفي موسم حج عام 1410 هـجري قام أفراد من حزب الله السعودي بالتعاون مع أفراد من حزب الله الكويتي الشيعي بإطلاق الغاز السام في نفق المعيصم وكان فيه الآلاف من الحجاج؛ مما أدى إلى مقتل خمسة ألاف حاج وجرح وإصابة العديد من الحجاج…
كلّما حلّ موعد موسم حجّ جديد وضعنا أيدينا على قلوبنا من مخططات إيران وأذرعها التآمرية على الحرمين الشريفين، فالعام الماضي ما زال ماثلاً في الأذهان بعد مأساة التدافع في منى التي تسبّب بها الحجيج الإيرانيين ومعظمهم من الحرس الثوري يكلّفون بمهام محدّدة يهددون بها سلامة الحرميْن المكيّ والنبويّ وسلامة الحجاج، وكلنا يقين أن الجنون الإيراني لا حدود له، وكل الخوف من أن تستعر أحداث اليمن هذه الأيام لشغل المملكة العربية السعودية بحدودها الشمالية، تمهيداً لإثارة اضطرابات كبرى في موسم حج هذا العام، واحتلال الحرم المكي، والبقاء فيه حتى لحظة إعلان إيران لبيانها العالمي «المهدوي»، ولا يستخفنّ أحد لأنّ إيران تماطل العالم على بعد أيام قليلة من دخول شهر ذي الحجّة!!
لا بدّ للتاريخ أن يعيد نفسه، ففي عام 317 هـ كان المسلمون يطوفون حول الكعبة فاكتسح الكعبة جيش من الشيعة القرامطة وذبحوا في يوم واحد ثلاثين ألف حاجّ من الرجال والنساء والأطفال، ووقف أبو طاهر القرمطي حول جثث الحجيج وهو على فرسه يضحك ويتلو سورة لإيلاف قريش، حتى وصل إلى قوله تعالى (وآمنهم من خوف) فقهقه وقال: ما آمنهم من خوفنا. وعند باب الكعبة وقف أبو طاهرالقرمطي ونادى في الحجيج لمن الملك اليوم؟ فلم يجبه أحد فقال: «أنا بالله وبالله أنا/ يخلق الخلق وأفنيهم أنا».