Site icon IMLebanon

ايران والاستراتيجية الأميركية: صدام خيارات جيوسياسية

 

دقّت ساعة التفكير والتدبير في لبنان، بعد كثير من الانتفاخ النرجسي والغطرسة المضحكة المبكية والغرق في التفاهات السياسية. وما في الدقّ يتجاوز سباق الحصص والغنائم في السلطة الى مواجهة تطورات دراماتيكية متسارعة على مسرح الصراع الجيوسياسي في المنطقة وعليها. فالوطن الصغير، من خلال حزب الله ودوره الكبير في المحور الايراني، ليس خارج المسارح المفترضة للاستراتيجية الأميركية الجديدة حيال ايران. لا بالنسبة الى الضغوط الأميركية بكل الوسائل على طهران، ولا بالنسبة الى الردود الايرانية على ما تفعله واشنطن.

ذلك ان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ذهب الى أبعد من سلفه ريكس تيلرسون في توسيع حدود الاستراتيجية الجديدة ضد ايران. أولا ب تغليظ العصا عبر ١٢ مطلبا من طهران. وثانيا ب تكبير الجزرة عبر عرض الانفتاح الشامل والعلاقات الكاملة ديبلوماسيا واقتصاديا وماليا مع ايران في حال التزمت تنفيذ المطلوب منها. فما طرحه تيلرسون قبل اقالته بتغريدة من الرئيس دونالد ترامب المختلف معه هو كبح النفوذ الايراني. وما طلبه بومبيو القريب من ترامب والمشارك في المواقف المتشددة له ولنائبه مايك بنس ومستشار الأمن القومي جون بولتون هو تفكيك كل ما بنته طهران داخليا في الموضوع النووي والصواريخ الباليستية وكل ما عملت له خارجيا من نفوذ وتحالفات وشبكات وتنظيمات عسكرية وأمنية ومالية.

وليس بين التوقعات ان تلبّي طهران المطالب. فلا الخيار بين الانفاق على تحسين الأوضاع الداخلية أو على تقوية النفوذ الخارجي وارد. ولا ما تسميه أميركا تغيير السلوك سوى ما تراه ايران تغيير النظام. لماذا؟ لأن الجمهورية الاسلامية مصرّة على أن تكون دولة وثورة معا. فالعداء لأميركا واحد من أسس الثورة الاسلامية كما أكد الإمام الخميني وأعاد التأكيد المرشد الأعلى علي خامنئي.

وتصدير الثورة واحد من مهام النظام، لأن الجمهورية الاسلامية من دون امتداد للنفوذ وسواه في المنطقة تصبح بلدا عاديا، وان كان شعبه كبير العدد وتاريخه حافلا.

ومن الأمور اللافتة في خطاب بومبيو ان أميركا تتخلّى للمرة الأولى عن نظرية التمييز بين معتدلين ومتشددين في الجمهورية الاسلامية، وتضع الجميع في سلّة واحدة. والتحدّي أمام ايران والثلاثي الفرنسي – البريطاني – الألماني وكل الاتحاد الأوروبي هو تأمين شروط الحفاظ على الاتفاق النووي بعد انسحاب أميركا منه. والتحدّي الأكبر هو مصير الصراع الجيوسياسي في المنطقة ومسار النظام أو اللانظام الأمني الاقليمي.

والتفكير والتدبير مطلوبان من الجميع في الداخل والخارج، لأن من الوهم تبسيط الحلول في أزمة صعبة ومعقّدة ومركّبة.