Site icon IMLebanon

إيران وحرب «النّفط»

 

هل انتهت طفرة ارتفاع أسعار النّفط؟ سؤالٌ ملحٌّ لا إجابة عنه حتى الآن في ظلّ التراجع الكبير في سعر برميل النفط، الذي يسجّل تدهوراً يوميّاً في الأسواق العالميّة والخليجيّة خصوصاً، أكثر من علامة استفهام سياسيّة تطرح حول هذا الانحدار، فالحروب الكبرى سبقتها هزّات اقتصاديّة ضخمة، والنفط مقتلُ دولٍ كثيرة، وفي واجهة المشهد المتضرّر تتصدّر إيران الصورة، ولا ندّعي إننا نقدّم هنا قراءة اقتصادية فهذه لها متخصصيها، ولكنّ القراءة السياسيّة تشير بالإصبع إلى إيران المحاصرة واقتصادها وما بلغه من وضع حرجٍ، فيما تتكّل موازنتها الماليّة على سعر مرتفع لبرميل النفط، على عكس اقتصاد دولة كالمملكة العربيّة السعوديّة التي تتكّل في تقديراتها المالية على سعر منخفض لبرميل يستحيل معها تعرّضها لهزّة اقتصادية في أزمة الانهيار في سعر النفط في ظلّ إصرار مجموعة «أوبك» على عدم خفض الانتاج لإعادة ضبط سعر السوق، فهل يسقط الاقتصاد الإيراني أمام اهتزاز سوق البترودولار؟!

قبل أيام قليلة تناقلت وكالات الأنباء حديث الرئيس الإيراني حسن روحاني في منتدى حضره رؤساء فروع السلطة الثلاثة (التنفيذي، التشريعي، القضائي) بأن الفساد يهدد أسس الجمهورية الإسلامية وهاجم «الاحتكارات» ـ وهي امتياز للحرس الثوري الإيراني ـ التي تسيطر على حيز من الاقتصاد، معتبراً أنّ مكافحة الفساد إحدى أولوياته إنعاش الاقتصاد الإيراني الغارق في أزمة، في دولة تحتل المرتبة 136 من أصل 175 دولة في ترتيب فساد الدول للعام 2014 الذي تضعه منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية سنوياً.

هذا في إيران، أمّا في لبنان الذي استعاد بالأمس إيقاع الحديث عن سلسلة الرتب والرواتب «رونقه» وتصدّر فجأة كلّ التصريحات، هذا من جانب، ومن جانب آخر يبدو أنّ حالة القلق الشديد التي انتابت الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، يبدو أنّه تمّ تأجيل أزمتها شهراً واحداً، وستعود وتطلّ برأسها مع بداية العام الجديد، فاعتباراً من أمس الثلاثاء 9 كانون الأول استأنف برنامج الغذاء العالمي تقديم المساعدات للاجئين السوريين بعدما تمكن من الحصول على الأموال الضرورية، وتحدّث بيان صادر عن برنامج الغذاء العالمي في جنيف أن المساعدات الإنسانية التي تم وقفها منذ 1 كانون الأول الجاري، لأن الدول المانحة لم تفِ بشكل تام بتعهداتها بشأن تقديم موارد مالية، تمكّن برنامج الغذاء العالمي من جمع أكثر من 80 مليون دولار بفضل حملة إعلامية قام بها، بما في ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأوضح البيان أن «هذا المبلغ أكبر مما يتطلبه شهر ديسمبر وهو 64 مليون دولار، وقد جاءت الاستجابة من الحكومات والمواطنين العاديين من 158 دولة»!!

في منتصف ثمانينات القرن الماضي حين اشتعلت حرب أسعار النفط، فتراجع سعر البرميل إلى حدود 60 دولاراً فتربت خسائر كارثية على الاقتصاد الروسي الذي يعتمد في 70٪ من موازنته على بيع المشتقات النفطية، وكان هبوط أسعار النفط وتراجع الاقتصاد الروسي هذا ، أحد أبرز العوامل التي تسببت بانهيار النظام الشيوعي و»هبّة»الـ «بيريسترويكا» عند ميخائيل غورباتشوف، ويلوّح خبراء الاقتصاد إلى أن هبوط أسعار النّفط الذي يتابعه العالم اليوم بترقب وحذر يشبه إلى حد كبير ما جرى في الفترة ما بين العامين 1985-1986، حيث يتم استخدام النفط من اجل زعزعة اقتصاد دول تعتمد في أكثر من 70 ٪ في مواردها على مداخيل بيع المشتقات النفطية مثل روسيا وإيران وفنزويلا؟!

لا شأن لنا بالأرقام، ولكن؛ لنا الحقّ في طرح تساؤلات سياسيّة حول ما ينتظر المنطقة؟ هل تنبّه أحد بالأمس إلى التفويض الذي طالب به جون كيري لمحاربة داعش في العراق وسوريا؟ وهل تنبّه أحد أن أزمة الثمانينات أفضت إلى تجرّع الخميني كأس السمّ وخسارة الحرب الإيرانيّة ـ العراقيّة؟ وهل تنبّه أحد إلى الحديث الإيراني بالأمس عن إقامة حلفٍ إيراني إقليمي، وفي هذا التوقيت بالذات؟ وهل تنبّه أحد إلى أنّ هذا التراجع الحاد في سعر برميل النّفط يأتي في لحظة «صعبة» جداً على المنطقة وأحداثها؟ ثمّة شيء ستفضي إليه هذه الأزمة ، ولكن حتى السّاعة لم تتضح معالمه وملامحه الأخيرة…