أن يصل الأمر بصحيفة إيرانيّة أن تسأل»أين المليارات»، فهذا يعني أنّها تعرف أنّ إجابة هذا السؤال واضحة، الفساد استشرى في طبقة مسؤولي حزب الله و»الفشخرة» التي ظهرت على مسؤوليه وزوجاتهم وأولادهم بعد حرب تموز العام 2006 كافية للإجابة على التساؤلات، حزب الله لم يفعل لبيئته شيئاً أكثر من تكريس التجارة بالبشر، سعّر القتلى فللذَّكر والأنثى من رجل وشاب وشيخ وامرأة وطفل، لكلّ منها تسعيرة، وضع حزب الله الأوراق الخضراء على الطاولات وسط الدّمار في الضاحية لإسكات بيئته، وعاماً خلف الآخر تيقّنت أن الحزب لا يملك مشروعاً لها سوى الموت!
إيران المصدومة إلى حدّ انتقاد حزبها عبر صحفها ربما اكتشفت أنّ حزبها إن استطاع أن يتجاوز الدورة الانتخابيّة في العام 2018 فإنّه لن يستطيع تجاوز الدورة التي ستليها بعد أربع سنوات، قبل سنوات كان الوضع الاجتماعي في بيئة حزب الله تماماً كما وصفته صحيفة جمهوري إسلامي «في قبضة حزب الله»، تستهول الصحيفة ما أعلنه أمين عام حزبها حسن نصر الله «بأنه يخاطر بحياته ويذهب بنفسه إلى قرية في منطقة بعلبك – الهرمل ويدقّ كلّ الأبواب كي يقنع سكان القرية بالتصويت لصالح قائمته»، للمناسبة لم تذكر الصحيفة أنّ حال حزب الله في جبيل واحتمال أن يضطرّ نائب أمين عام الحزب أن ينزل بنفسه «لدقدقة كلّ الأبواب» لدعم مرشحّه على اللائحة، ببساطة الحزب لم يزفّت طريقاً ولم يقدّم مشروعاً لتطوير بيئته، بالطبع هذه البيئة إذا ارتاحت وتقدّمت ولم تعد «محرومة» كيف سيستطيع الحزب إرسال أولادها إلى الموت في سبيل إيران، الفقر والحاجة ضرورة أساسيّة لبقاء حزب الله مسيطراً على هذه البيئة، ولكن ليس إلى ما لا نهاية!
من شاهد فيديو التأنيب الجريء الذي تلّقاه النائب حسين الحاج حسن في لقاء إنتخابي يفهم أنّ جمهور حزب الله كسر حاجز الولاء الأعمى، وأن هناك زمن الأوّل تحوّل، وأنّ زمن القبضات المرفوعة «لبّيك يا نصر الله» خرج منها من يشاهد ويرى ويفهم وأنّ «الهالة» والكاريزما آخذة في الانطفاء، بل أكثر من هذا، فالأصوات التي خرجت في قلب الضاحية الجنوبيّة لتكيل الشتائم لحزب الله وسيّده ـ وإن أجبرت على الاعتذار الصوري ـ كانت تؤكّد أنّها لا بدّ ستجد طريقها للترجمة في صناديق الانتخابات.
السؤال التي ختمت به الصحيفة مقالها المهم جدّاً إجابته منه وفيه «ما هو مصير مليارات الدولارات التي أنفقت في لبنان؟ ما هو مصير النفقات السياسية للجمهورية الإسلامية في لبنان في السنوات الطويلة الماضية؟ وكيف آلت الأمور إلى ما هو عليه اليوم؟ ألم يحن الأوان كي تتم إعادة النظر بالإنفاقات المادية والمعنوية الكبيرة في لبنان كي لا تتقهقر القوى العملية لإيران كما يحدث اليوم»، الجواب موجود في قلب السؤال لقد آن أوان إعادة النظر بالإنفاقات المادية والمعنوية الكبيرة في لبنان، مجردّ طرح هكذا سؤال في العلن ومن قلب طهران وعبر صحيفة تحمل اسم «الجمهوريّة الإسلاميّة» يعني الكثير، وما هو آتٍ على حزب الله أعظم في إيران وفي لبنان، مزاريب المال الإيراني ستقفل، ومتى أقفلت في طهران سينفضّ عنه معظم جمهوره بعد أن يتأكد أنّه لم يكن أكثر من وقود لحروب إيران وأجندتها في المنطقة!
بوضوح شديد نقول، هذه آخر دورة إنتخابيّة لحزب الله في لبنان ـ وتذكروا جيّداً هذا المقال ـ لن يستغرق الأمر أكثر من عاميْن بصرف النّظر عن شكل النهاية التي ستلحق به، وبيئة حزب الله وجمهوره سيعود إلى حضن الدولة اللبنانيّة وعليها أن تكون جاهزة لإعادة تأهيل مفهومهم للمواطنيّة ومعنى الاحتكام للقانون وأنّهم سواء أمامه مثل كلّ المواطنين اللبنانيين… تذكّروا جيّداً المقال المنشور بالأمس في صحيفة «جمهوري إسلامي»، النهاية بدأت تكتب ومن طهران، ولن تلبث أن تصل إلى لبنان، لأنّ الصحيح أنّه «ما عمرا شجرة وصلت للجوّ»، وأنّه «يا دايم الدوم كلّ مين إلو يوم».