عن سؤال: هل ستوقِّع أميركا والمجموعة الدولية 5+1 إتفاقاً مع إيران؟ أجاب الديبلوماسي الأميركي المتقاعد والعتيق نفسه، قال: “أنا متفائل أن الإتفاق سيوقَّع. لكن ربّما أنا مثالي في تفاؤلي. هناك تفاهم بين الدولتين على أن مصلحتهما تقتضي التعاون لمكافحة الإرهاب. وهناك تلاقي مصالح إيراني – إسرائيلي على ضرورة أن تحكم العراق وسوريا حكومات ضعيفة ولكن مع استقرار جدّي”. علّقتُ: في العراق حكومتان وثالثة تنتظر التأليف. هل هناك من يأخذ ذلك في الاعتبار؟ أجاب: “أميركا، وربما تُرسِل قوات نخبة بعدد قليل. كما أنها قد تقدِّم تسهيلات عسكرية للحكومة العراقية والقبائل كي يتمكنوا من تحرير الموصل من “داعش”. في سوريا هناك علويون. وهناك حقيقة كردية في تركيا عليها أن تعترف بها مثلما اعترفت بأكراد العراق. الخطر الرئيسي في نظر أميركا هو الإرهاب أي “داعش”. الخليجيون يعملون بجد لمواجهة هذا الإرهاب. السعودية وضعها أكثر صعوبة من غيرها لأنها دولة ذات شعب كبير عليها أن تطعمه وتجد لأبنائه أعمالاً ولأنها أيضاً ذات دور إقليمي مهمّ. في سوريا ربما يوماً ما يتجمع العلويون في مناطقهم والآخرون وتنظيماتهم في المناطق الأخرى. ويعني ذلك تقسيماً واقعياً. ولذلك يلزم لحل الأزمة في سوريا جنيف أخرى ينتج عنها حل سياسي واستقرار ولكن مع حكومة ضعيفة”.
ماذا عند مسؤول سابق رافق عملية السلام والشرق الأوسط من موقعه الرسمي ولا يزال يرافقهما من موقع الباحث الجدّي؟
بدأ اللقاء بالحديث عن المفاوضات بين أميركا وإيران. قال: “إذا أوصلت إلى اتفاق فأن إيران تصبح قوة نووية. وهي تسيطر الآن على قسم مهم من الشرق الأوسط وستحتفظ به وستخطط لإحكام سيطرتها عليه. الدول الأخرى في المنطقة ضعيفة”. علّقتُ: الإتفاق النووي ليس منفصلاً عن قضايا أخرى أهمها البحث في مشاكل الشرق الأوسط وأدوار الدول المهمة فيه وأحجامها. إيران أصرّت في السابق على اقتصار التفاوض على ملفها النووي في حين كانت أميركا تصرّ على أن يشمل القضايا الاقليمية. بعد ذلك “تساهلت” إيران وقبلت البحث في الأقليميات. لكن أميركا رفضت وأبقت الأولوية للنووي. إلاّ أن ذلك لم يمنع حصول محادثات جانبية غير رسمية حول المنطقة، فضلاً عن أن تعاوناً ميدانياً حصل بينهما عام 2001 في أفغانستان. وهما تتعاونان اليوم في العراق. وفي سوريا تخوض الاثنتان تقريباً معركة واحدة ضد “داعش”، وتمتنعان عن استعمال القوة لتخليص السوريين من نظام الأسد. حتى لو أرادت إيران استغلال الاتفاق النووي لاستكمال تنفيذ أجندتها الاقليمية فإنها ستعجز عن ذلك لأسباب كثيرة. منها أحوالها الاقتصادية السيئة، وأموالها المجمَّدة في مصارف أميركا ومصارف أخرى، وانخفاض سعر النفط، وعدم احتمال الإفراج السريع عن الأموال المجمَّدة. فضلاً عن أن عليها قبل ذلك التوصل إلى “اتفاق اقليمي” مع أميركا.
“كيف يتمّ ذلك؟ أي كيف تُدفَع إيران إلى البحث في الأقليميات”؟ سأل. أجبتُ: لا بد أن يرافق تنفيذ الإتفاق النووي، تفاوض حول قضايا المنطقة. وربما تستطيع أميركا أن تبدأ ذلك معها في الأشهر الثلاثة المتفق على إنجاز الإتفاق النووي خلالها. وربما تستطيع أيضاً أن تضغط بالنووي على إيران. أنت تنقل عن الإيرانيين أنهم يريدون قوة نووية لحماية بلادهم ونظامهم من قوة نووية باكستانية وهندية وإسرائيلية. وهذا صحيح، لكنها تعرف أنها لا تستطيع أن تضمن ذلك الآن. ولهذا السبب سارت في التفاوض. لكن الخطِر فعلاً هو تركها تستمتع بالمكاسب النووية وبمتابعة تنفيذ مشروعها في المنطقة من دون إقناعها بالبحث الجدِّي في قضاياها. قُلتَ في بداية حديثك أن إيران دولة مستبدة وغير ديموقراطية لن تعطيها أميركا إتفاقاً يكرِّس نظامها. لكن أميركا نفسها تساهلت مع السعودية من زمان رغم عدم ديموقراطيتها، كما مع مصر حسني مبارك وقبله أنور السادات اللذين حكما في نظام غير ديموقراطي، ومع عراق صدام حسين المستبد وإيران الشاه غير الديموقراطي وسوريا الأسديْن. تستطيع أميركا التذرُّع بأن نووية إيران ستدفع الدول التي ذكرتُ إلى سباق تسلُّح نووي وليس استبداد نظامها. ردّ: “معك حق في ذلك، لكن اسألك: لماذا الإتفاق النووي. وماذا يمكن أن يكون فكَّر أوباما”؟