IMLebanon

إيران تنتظر إغلاق الصفقة

الفرنسيون غير مطمئنين لتوجّهات المفاوضات الأميركية مع إيران. وواشنطن قلقة من شكوك لدى باريس بوجود صفقة مع طهران حول الملف النووي. مصادر فرنسية قالت لـ «الحياة» إن «هناك احتمالاً كبيراً لأن يرفض كل من هولاند، ووزير خارجيته، فابيوس، توقيع الاتفاق مع طهران إذا بقيت الأمور الأساسية، مثل عدد أجهزة الطرد والتفتيش، وعدم حسم الرقابة» على البرنامج، على رغم أن من يقرأ تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، سيستغرب القلق الفرنسي. وهو قال خلال لقائه نظيره الفرنسي لوران فابيوس: «نواصل اعتقادنا بأن الاتفاق الشامل يجب أن يتضمن إمكان التحقُّق لمنع إيران من الحصول على المواد اللازمة لإنتاج القنبلة الذرية». لكن بعض الأوروبيين، وعلى رأسهم فرنسا، غير مصدّقٍ لهذا الجزم الأميركي.

المصادر الفرنسية ذاتها قالت لـ «الحياة»، إن فابيوس ليس مرتاحاً إلى التفاوض بين واشنطن وطهران حول الملف النووي، ولا يوافق على تنازلات الجانب الأميركي عن مطالب الدول الأوروبية في الموضوع النووي». وزادت: «هناك اتجاه، إذا لم تحل هذه المشاكل، أن تمتنع باريس عن التوقيع». الأهم من شكوك الفرنسيين حول التفاوض الثنائي بين واشنطن وطهران، هو أن باريس ترى أهمية «التوصّل إلى حل سياسي في سورية»، لكنها لا تلمُس، الآن، جدية لدى الإدارة الأميركية في هذا الاتجاه. وهي تستنتج «من الموقف الأميركي أو من موقف النائب الفرنسي جاك ميار الذي التقى الأسد، أنه يجب تسليح الأسد». وتعتقد بأن «القيام بمثل هذه الخطوة يعني إعطاء هدية ضخمة لإيران وحزب الله». الشكوك الفرنسية تذهب أبعد من ذلك، وترى أن «الاتفاق حول النووي الإيراني يحمل في طيّاته نتائج سياسية كبرى، لأنه يخلق ديناميكية أميركية- إيرانية قوية جداً». وتدلِّل على هذه النتيجة بتزايد اللقاءات الثنائية بين وزيري خارجية أميركا جون كيري وإيران محمد جواد ظريف، على رغم أن العلاقات الديبلوماسية مقطوعة بين بلديهما. ويتوقع الفرنسيون أن يفضي «ربيع» اللقاءات بين البلدين إلى حوار موسّع لتنشيط العلاقات الاقتصادية، وربما وجد الأوروبيون أنهم حُرِموا من حصتهم في الكعكة الإيرانية، وسيكون الوقت قد انتهى للحصول على عقود ذات قيمة مع إيران… فضلاً عن أن طهران ستحفظ لواشنطن هذا الموقف، وتمنح الشركات الأميركية كل الصفقات التجارية الكبرى التي تحتاجها في المرحلة المقبلة.

لا شك في أن الملف النووي صار اقتصادياً بامتياز. وتصريحات الفرنسيين تشير إلى أن المفاوضات الأميركية- الإيرانية التي يترقب العالم نتائجها، هي حوار مقايضة. امتلاك إيران سلاحاً نووياً، لم يعد محل جدل، والقضية اليوم هي الاتفاق على ثمنه، فضلاً عن أن الأوساط الفرنسية ترى أن الرئيس الأميركي باراك «أوباما يراهن على إيران». والرهان على «شريك الاستقرار في المنطقة»، كما تصفه واشنطن، سيكون هذه المرة مدعوماً بسلاح نووي. ومن يقرأ تاريخ العلاقات الأميركية- الإيرانية، لن يُفاجأ بالنتيجة التي سينتهي إليها الحوار بين البلدين حول الملف النووي.

الأكيد أن هذا الاتفاق سيعاود تشكيل الوضع في سورية، ورهان واشنطن على طهران يعني قبول دورها في مشاركة النظام السوري الحرب على شعبه، وربما، المضي في تسليحه، وتمكينه من تغيير المعادلة العسكرية على الأرض، تمهيداً لحل سياسي يصبّ في مصلحة إيران. هذه صورة قاتمة، لكنها محتملة الحدوث. وليس أمام دول الخليج سوى التحرك العاجل بحل سياسي، ومقايضة الشركاء الغربيين بمصالح اقتصادية، قبل أن تحسم مفاوضات «النووي» الإيراني المعادلة على الأرض السورية، ويصبح موقعنا في سورية مثله في العراق.