IMLebanon

تَفَاخُر إيران

                                                                             

يستطيع النائب الايراني علي رضا زاكاني أن يتفاخر بـ«تمكّن» بلاده من استتباع أربع عواصم عربية بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء. وهو في ذلك يعبّر عن صدقية لا شائبة فيها، ويكشف بعجالة من فقرة واحدة كل «السيرة» الثورية الايرانية إزاء العرب والمسلمين وديارهم وأوطانهم وكياناتهم!

وزاكاني مثل الذين سبقوه في اعلى الهرم السلطوي الايراني، يقول تماماً وبوضوح ان «سياسة» بلاده على مدى العقود الثلاثة الماضية قامت وتقوم على الحفر المذهبي بآليات الارهاب والتوتير والفتن، في المجتمعات والكيانات العربية، متوسّلة تحطيم اي اطار جامع لها، أكان سلطوياً دولتياً كيانياً مباشراً، أم نصّاً شرعياً عامّاً يجمع الناس على الشهادتين ويحتفظ باختلاف الاجتهادات لمدارس الدين.. دون الدنيا واجتماع ناسها واهلها وحداثتها.

ولا يمكن في عالم اليوم لغير الطاقم السلطوي الايراني الراهن ان يتفاخر بأنه يسعى الى بناء مجد مزعوم لبلاده على خرائب وبلايا وكوارث غيرها!

النازية في التاريخ صارت مسبّة وتهمة لا تشرّف أحداً. ومثلها الفاشية وإن كانت أقل فخامة، فكرياً ونظرياً، لكنها الأوسع انتشاراً في الاصطلاحات الدّالة على السلطات والانظمة والعصابات المعتمدة على لغة القبضات والرصاص والقنابل ونفي حق أي آخر مختلف، في الاختلاف.. والتجربتان حوّلتا أوروبا ونصف الكرة الارضية الى مقبرة مفتوحة وتسبّبتا بمآسٍ بشرية وعمرانية لا يمكن حصرها. والجامع المشترك العملي بينهما، هو انهما قامتا على التفاخر بمعتقداتهما، وعلى مباشرة العدوان العاري والمكشوف لنقل تلك المعتقدات من دائرة التنظير الى دائرة التطبيق بالحديد والنار والإرهاب والإبادات التامة! وكانت برلين تُسابق روما في غرب العالم، وطوكيو في شرقه، بـ«إنجازاتها» كلما اجتاحت دولة جارة وحطمت كل مناحي الحياة فيها!

.. لكن في عالم اليوم، صارت السياسات التوسعية التي تتوسل العدوان والاطر غير المألوفة، وغير النظامية والقانونية، لتحقيق مآربها وغاياتها، تثير الاحتقار بقدر إثارتها دواعي العداوة والخصام. ولذلك يسعى المعتدي جاهداً الى تغليف عدوانه بخبرية «رد الفعل» تماماً مثلما تفعل اسرائيل.. ولم يجرؤ طرف واحد بعد الحرب العالمية الثانية، على إشهار سعيه الى مصالحِهِ أو الى تصدير «ثورته» أو رؤاه أو طموحاته أو طلاسمه، من خلال الحروب الفتنوية وويلاتها ومذابحها.

وحدها إيران تفعل ذلك. وتفتخر به وتفاخر.. ثم يخرج عمالها على «الامصار» التابعة لها، الى اتهام غيرها بكل تلك المصائب والبلايا النازلة بالعرب والمسلمين!