ثمة اسئلة صعبة يقول مسؤولون سياسيون انها باتت تطرح في الاروقة السياسية لبعض الدول الاقليمية التي تساهم في حملة التحالف الدولي على تنظيم الدولة الاسلامية في كل من العراق وسوريا مبنية على جملة تطورات قد يكون من بينها في شكل خاص وبارز امران اثنان: احدهما يتمثل في السقف المرتفع للشروط التي وضعتها تركيا من اجل التعاون مع التحالف الدولي التي ترأسه الولايات المتحدة من اجل التعاون من اجل انقاذ كوباني الكردية في سوريا والقريبة من الحدود التركية. وبحسب هؤلاء المسؤولين فان الشروط المتعددة لتركيا قد لا تتحقق جميعها لكن لا بد من ان تؤدي في نهاية الامر الى اعطاء تركيا البعض منها ما يحفظ لهذه الاخيرة موقعاً مهماً في نتائج ما يجري في جوارها. والآخر يتمثل في الاندفاع الايراني نحو تبني اعلان انتصار الحوثيين في اليمن وتقدمهم نحو السيطرة على المدن اليمنية في مظهر آخر من مظاهر التفاخر الايراني الذي بات يكرره المسؤولون الايرانيون على اختلاف مواقعهم من تحقيق خرق مهم للدولة الايرانية من العراق فلبنان مروراً بسوريا وفي ما بينها البحرين واخيراً اليمن. على رغم ان المشروع الايراني الاستراتيجي في العراق أصيب بنكسة كبيرة جداً في الاشهر القليلة الماضية نتيجة تقدم داعش وعودة الولايات المتحدة المطلوبة بقوة الى الساحة العراقية. فهذا التفاخر الايراني بات يساهم وفق المسؤولين المعنيين في تظهير عوامل ابرزها تسعير المشاعر المذهبية في منطقة تغلي على وقع صراع سني – شيعي يتخذ من “الانتصارات” الايرانية المفترضة او المعلنة سبباً مباشراً لتعميق الاصطفافات على نحو مذهبي اكثر منه سياسي ومن اجل تقوية الغضب الذي يحمل على الايمان بأن مواجهة المد الشيعي يكمن في ما بات يحمل شعاره تنظيم الدولة الاسلامية اي الخلافة الاسلامية. كما ان هذا التفاخر الايراني يهدف الى الاعلان ان ايران باتت تلعب اوراقها على المكشوف في المنطقة ولو ان مجاهرتها بأساليب وسبل اختراقها للدول التي تعلن غلبة نفوذها فيها بات يرتب اثمانا باهظة على ابناء الطائفة الشيعية ويزرع بذور فتنوية . فحتى ما قبل هذه التصريحات الايرانية المتفاخرة مثلاً في شأن وصول ايران الى شواطئ المتوسط عبر التأثير المتعاظم والسيطرة التي يمارسها “حزب الله” في لبنان، كان الحزب عنواناً اساسياً للمقاومة ضد اسرائيل حتى على رغم الاجتياح المسلح لبيروت عام 2008 اذ ادرج ذلك تحت عناوين مختلفة داخلية وسورية اكثر منها ايرانية. لكن إغراق المسؤولين الايرانيين في المفاخرة بادراج لبنان من ضمن النفوذ الايراني اسقط الهالة عن “حزب الله” الذي بات ينظر اليه كذراع من اذرعة النفوذ الايراني وتوسعه المذهبي والسياسي اكثر منه اي طابع آخر. وتالياً فان ثمة من يرى في الاروقة السياسية للدول المذكورة ان المشاركة في توجيه ضربات عسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية، ولو انه في مكان ما هو دفاع ضد تمدد هذا التنظيم نحو دول عربية اخرى، فهو يصب في خانة او مصلحة كل من ايران والنظام السوري الذي بات يستفيد على نحو واضح من الضربات العسكرية التي يوجهها التحالف لمواقع داعش عبر تكثيف هجماته العسكرية وقصفه لمواقع المعارضة المعتدلة فضلاً عن نجاحه في اظهار تقدم داعش خطراً يفوق ويتجاوز التركيز على التخلص منه في هذه المرحلة. فثمة معلومات تحدثت عن وصول دفعات جديدة من الأسلحة الروسية اليه والتي بات يستخدمها على نحو يسجل تقدما له من غير المستبعد ان يكلله قريباً بالسيطرة على مناطق عدة جديدة كان خسرها ولها مدى حيوي بالنسبة اليه، وذلك علما ان عدم المشاركة الاوروبية في الضربات العسكرية على مواقع داعش في سوريا تركت علامات استفهام كبيرة حول احتمالات استفادة النظام منها. ولعل الاحداث التي انتقلت الى لبنان عبر ما حصل في عرسال كما ما حصل في طرابلس منذ ايام يساهم في زيادة الانطباع بمخاطر الارهاب المتنقل في اتجاه الدول المجاورة ما يخدم وجهة النظر والمنطق الذي روّج لهما النظام السوري منذ انطلاق الثورة ضده في آذار 2011.
لذلك ثمة شكوك يعبر عنها هؤلاء المسؤولون ازاء استمرار التحالف الدولي في شأن توجيه ضربات عسكرية لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا بقوة وعلى زخمه في ظل هذه الاعتبارات واهمها الاعتبار الايراني في الدرجة الاولى وفي ظل اختلاف الاهداف ايضاً ما قد يجعله امام احتمال تحوله الى ما تحولت اليه مجموعة اصدقاء سوريا في نهاية الامر بعد ثلاثة اعوام من الحشد والاجتماعات والقرارات التي لم تجد طريقها الى التنفيذ. فمع ان اجتماعاً مهماً لقادة الجيوش في التحالف الدولي قبل اسبوع في واشنطن يفترض ان يكون وضع اسس التعاون للمرحلة المقبلة، وأعقب باجتماع في الدوحة لرؤساء البعثات الديبلوماسية الاميركية المعتمدة لدى هذه الدول من اجل تنسيق الخطوات والتعاون، لوحظ تقدم الحديث اخيراً عن غارات اميركية تحديداً في ظل تراجع الحديث عن مشاركة الدول الاقليمية من دون ان ينفي ذلك استمرار وجود غطاء سني لقيام الولايات المتحدة بهذه الغارات. فهذا الغطاء السني هو ما تحرص عليه واشنطن من اجل مواجهة داعش وهو ما ستحرص على وجوده في حال اضطرت الى عمل عسكري بري ما. لكن غياب الافق السياسي يثير اسئلة صعبة امام عواصم اقليمية مؤثرة ويضغط عليها من اجل تقديم الاجوبة المناسبة.