Site icon IMLebanon

إيران … سرطان الفوضى والتخريب

 

تعمل إيران، بعد تلقيها صفعات متتالية، على رسم سيناريوات جديدة للتعاطي مع الاختناقات الخارجة عن توقعاتها كافة، على رغم أنها تفعل المستحيل لأجل ألا تختل بوصلة توقعاتها وتمضي لما هو مريح ومناسب لها ومربك ومستفز لمن هو حولها.

كثير من الحلفاء الذين كانت تأخذهم على محمل التناقضات لم يعد من الممكن التعويل عليهم في المستقبل القريب، وتلاشِي هذا الأمل ناتج من سوء سلوك الديبلوماسية الإيرانية الصريح، وارتدائها عباءة ليست لها، بل تجاوزتها لمحاولة أن تكون سيدة المشهد وصاحبة الحل والربط. إلا أنه كلما تقدم الزمن يوماً ثبت بالأدلة القاطعة المتزايدة أن لا شيء يمكن أن يتغير في طهران سوى الممارسات المستفزة وإشعال الفتن والحروب، وتستمر مشاريع فضولها الطافح بكل أنواع الكراهية والتـأزيم ونماء التطفل على الشؤون الداخلية البحتة لبلدان الجوار بما لم يعد في خانة التحمل والقبول والتمرير.

عمدت طهران في كل تحركاتها الملتوية ومشاريعها السرية إلى «صب الزيت» على نار الطائفية وصراعاتها المقيتة، لأنها تثق جداً في هذه النار وأنها من أفضل ما يمكن أن تعبث به وتراهن عليه. مشروع الطائفية أهم مشروع لـ «فريق الملالي»، فهو المشروع الذي جعلهم شيئاً طافياً على السطح، وقادهم إلى واجهة الضوء المزيف والتوترات، وصناعة مشهد إسلامي محتقن بحروب دينية من فوق وتحت الطاولة المتشنجة دائماً.

الموقف السعودي تجاه هذا الانفلات الإيراني المتدرج والمسلسل المزعج على فترات متفاوتة، هو موقف حتمي ولازم، استدعته سياسة طهران حين تحاول استثمار أي حدث وصياغته بما يخدمها وتظنه خادماً لتحركاتها ونفوذها وشعبيتها العائدة للخلف، لأن أساليبها هابطة ودليل حالة سياسية بالغة «السفه» والغرور. هذا الموقف السعودي لم يكن ليحظى بالدعم في المحيط الإقليمي، إلا لأنه يمثل شريحة كبيرة من المتذمرين من سياسات طهران، والمتفقين على رغبة واحدة وأكيدة، وهي «نتف الريش» و «قص الأجنحة» التي لم تعرف جيداً ما هي الأجواء الصالحة للفرد والتجول، وهل كل فرد لها محوط باللباقة والاحترام.

ما تمارسه إيران من تضليل لشعبها قبل تضليلها للشعوب، ليس إلا «مرارات» مؤجلة التذوق، وإن واصلت تصدّر مسرح الفتن والتأجيج والتصعيد، فستجر المنطقة إلى ويلات هي في غنى عنها، وحرائق لن يكون إطفاؤها بالكيفية والسهولة ذاتها التي تم بها الإشعال.

السعودية تتجنب ما أمكن، بحراكها ونشاطها وشجاعتها، عدم وضع النقاط على الحروف لنشوء حرائق جديدة وأوجاع لن تكون معالجتها بالأمر اليسير ولا السهل، ومن حق السعودية أن تمضي في ما يحمي كيانها وشعبها بعيداً من أي صيد في الماء العكر، رغماً عن أعداء وجدوا في الشجاعة السعودية فرصة لاستفزازها. وغاية ما يمكن أن تنتظره من طهران أن تتراجع عن كونها تمثل «الخنجر السام» في خاصرة الأمة، كداعمة للإرهاب وحاضنة له، وراعية للتطرف أينما كان مرسوماً بريشتها المكسورة، وأن تعمل من قبل ومن بعد في «طلاق الخيانة» وممارسة مبادئ حسن الجوار، والاستمتاع بالبناء والتعايش والسلام، بدلاً من استمتاعها باحتضان الميليشيات ورعاية التطرف وركوب الطائفية، وكونها سرطاناً من اللازم مكافحته والتحذير منه.