إذا أخذنا جدلاً بالفرضية الهلوسية التي تعتبر أن الوصول إلى اتفاق إيراني أميركي (دولي) في المهلة المحددة له في الشهر المقبل سيعني حُكماً وصول مرشح إيران «حزب الله» إلى سدّة الرئاسة اللبنانية، فذلك يعني من ضمن أشياء أخرى، أن انقلاب الحوثيين في اليمن سيتعزز! وأن الشرعية اللاجئة في عدن، ستصير «تطاولاً» على تلك الموجودة في صنعاء، أو في صعدة!
واستعارة مثال اليمن، ليست سوى للدلالة على ترابط «المسار والمصير» بين ذلك البلد السعيد ولبنان ومعهما العراق وسوريا، استناداً إلى خريطة النفوذ التي تتباهى بها إيران وتحرص على النفخ فيها باعتبارها دليل قوتها وجبروتها وانتشار شعاع ثورتها في المحيط العربي، مع أنها في الواقع الذي لا يُجادل ليست سوى خريطة للفتنة التامة، ومسرحاً مفتوحاً للعدم، ومرآة صافية لطبيعة الهناء والرخاء اللذين تعد بهما تلك الثورة بلاد العرب والمسلمين!
وما يثير العجب فعلاً، هو أن قراءات البعض لمدى تحكّم الهوس الرئاسي بالرمز «الإصلاحي» الأول في لبنان، تصاب على الدوام بنكسة غير مأنوسة! بحيث تظهر المرة تلو المرة، أنها قاصرة عن تبيان الحدود الفعلية التي يمكن أن يصل إليها (أو يقطعها) صاحب ذلك الهوس في هوسه!
.. ما يقوله أرباب حملته، من خلال إشاعة ذلك الربط بين «انتخابه» والاتفاق الإيراني الإميركي، هو أن مرشحهم لرئاسة لبنان ليس في الحقيقة سوى مرشح إيران بالتمام والكمال. وأن ما عجزت هذه عن تحقيقه بواسطة حلفائها المحليين، للإمساك بالموقع السيادي الأول من خلال الأطر الدستورية والسياسية والتعطيلية، ستتمكن من تحقيقه بعد الاتفاق مع الأميركيين!
ومرة أخرى: ليس ذلك تحليلاً ولا استنتاجاً ولا افتراء مُشتهى! لكنه ترجمة مباشرة لما يعنيه كلام أساطين حملة ذلك «الإصلاحي» الفذّ! والذين لم ينتبهوا إلى أن أدوات إيران السلطوية من اليمن إلى العراق إلى سوريا، ليست سوى عناوين متفرقة لوصفة واحدة تعني تدميراً وتخريباً تامّين! ولا ينظر إليها أحد في العالم الواقعي، إلا بصفتها تلك: لا يقرّ أحد خارج نسيج إيران وحلفها، بأن الحوثيين توافقيون أو عنوان استقرار في اليمن! مثلما لم يعد أحد خارج ذلك المحور، يعتبر رئيس سوريا السابق بشار الأسد عنواناً توافقياً أو رمزاً للاستقرار.. مثلما لم يعتبر عاقل قبل الآن، أن نوري المالكي كان عمود خيمة «الوحدة الوطنية العراقية»!
ولم ينتبه هؤلاء قبل ذلك إلى أن لبنان ليس اليمن ولا العراق ولا سوريا، إلا إذا أرادوا إلحاقه «شرعياً» بذلك الطيف الإيراني النفناف! وحينها، يكونون محقّين في سعيهم لإيصال بطلهم «الإصلاحي» لحكم لبنان. فهو الجامح الطامح لأن يلعب دوراً إنقاذياً على طريقة الأمثلة الثلاثة الآنفة الذكر.. وضمن شروط برنامج إيران التنويري، وبكل تفاصيله!