لم يتجاوب وزير خارجية إيران مع رغبة أكثر من مسؤول رفيع في أن تسعى بلاده مع الأفرقاء المعنيين الى انتخاب رئيس جديد للبنان، أولا لأن القيادة الإيرانية لا تريد أن تتورط في المستنقع اللبناني كما سبق لسوريا أن فعلت. ثانيا، تعلم إيران ان فريقا كبيرا يناهض سياستها ما دامت على خلاف مع السعودية التي تطالبها بعدم التدخل في الشأن اللبناني، إضافة إلى الدعم العسكري لحزب الله الذي يقاتل في سوريا الى جانب قوات النظام الذي تطالب الرياض بترحيل رئيسه بشار الأسد في أي حل. وجدد موقف المملكة وزير خارجيتها عادل الجبير من موسكو وفي شكل علني، وهذا ما يجعل ظريف يتمسك برفض اي تدخل في الموضوع الرئاسي قبل عودة العلاقات الطبيعية مع السعودية. وثالثا، إن حزب الله له موقعه ومكانته في طهران التي تعتبره قوة استراتيجية لأنها تمكنت من تحرير أجزاء من الجنوب بعد قتال ضد الجيش الاسرائيلي، وهو القوة العربية الوحيدة التي تمكنت من الانتصار على اسرائيل وتمنع اي عدوان تحاول شنه على لبنان، نظرا الى الترسانة الصاروخية. وبالتالي لن تطلب من نصرالله التخلي عن ترشيح رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون الذي هو ايضا صديق ايران.
وهذا تماما ما يفسر جواب ظريف لدى تطرق الرئيس سلام الى موضوع الفراغ الرئاسي، إذ جاراه المسؤول الإيراني الرأي في ضرورة ملئه بالحوار، دون أن يبدي اي استعداد للسعي، مؤكدا ان انتخاب رئيس الجمهورية هو “شأن داخلي بالدرجة الأولى”. وأضاف ظريف أن أصدقاء لبنان مستعدون ولن يتأخروا عن بذل المساعي الحميدة. وعادفلمّح إلى أن الموضوع يستوجب “توافقا داخليا”.
ولخّص أكثر من مصدر شارك في اللقاءات التي عقدها ظريف مع المسؤولين لـ”النهار” أهداف الزيارة بأنها “لإطلاع المسؤولين على تلك التفاهمات” حول برنامج الاتفاق النووي لبلاده. وشرح لهم كيف يمكن لبنان ان يستفيد من مفاعيله تجاريا واقتصاديا ومن خلال المشاكل التي يعانيها، كالطاقة الكهربائية والنفايات. وطمأن خلال لقاءاته الى ان العقوبات المفروضة على بلاده ستزول، وكانت الولايات المتحدة الاميركية قد وضعتها بسبب التقدم النووي وتوقع زوالها بعد إقرار الاتفاق، مما سيؤدي إلى عدم بقاء أي عائق أو مانع أمام هذا الانفتاح على لبنان.
ولفت مصدر وزاري الى مدى تأثر المسؤولين بما عرضه ظريف عليهم من استعدادات، فأوضح ان اتفاقات كثيرة موقعة بين البلدين مذ كان الرئيس رفيق الحريري رئيسا للحكومة، لكن المشكلة تبقى في التنفيذ وفي انحياز السياسيين والمصالح التي يتبنونها ويدافعون عنها، اضافة الى التدخل الاميركي تجاريا، من أجل تسويق شركاتها، وسياسيا لإبعاد النفوذ الإيراني في لبنان. وما من سياسي يمكنه ان ينسى المساعدات العسكرية التي طرحتها إيران على الجيش، ولاسيما قبل معركة عرسال وبعدها، وقد رفضت بضغط اميركي وتحت عنوان ان لبنان لا يمكنه قبول أي هبة ايرانية، وخصوصا اذا كانت سلاحا، في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليها.
أما الهدف الثاني فهو الاستفسار من المسؤولين عن المبادرة الإيرانية لحل الأزمة السورية وموقفهم من الأفكار التي تجري بلورتها. وسمع أن أزمة اللاجئين يمكن إضافتها إلى صلب المبادرة.
أما الهدف الثالث للزيارة فهو تأكيد الاستقرار والاستعداد لمساعدة لبنان في التصدي للارهاب وحض الافرقاء اللبنانيين على التوافق والحوار مدخلاً لحل الأزمات في لبنان.