Site icon IMLebanon

إيران تُغري العرب لدعم الفريق المعتدل “البداية الجديدة” تواجه الشكوك بأساليب قديمة

استعان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف مطلع الاسبوع بأسلوب عدّه مفيداً في مخاطبته الراي العام الاميركي أبان المفاوضات التي كانت جارية بين ايران والدول الغربية الخمس زائد المانيا حول الملف النووي الايراني من خلال مقالات كان ينشرها في احدى كبريات الصحف الاميركية من اجل محاولة اقناع الراي العام الغربي بصدق النيات الايرانية في السعي الى الوصول الى نتائج، فنشر مقالا في اربع صحف عربية حاول فيها الطمأنة الى نيات ايرانية سليمة في التعاون مع دول المنطقة. وللمفارقة فان التشكيك في صدق النيات الايرانية شكله رد غير مباشر وغير مقصود على لسان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في حديث لصحيفة الشرق الاوسط قال فيه “ان النظام الايراني ليس موحدا وحتى اذا حمل شخص منصب وزير الخارجية فانه لا يعني ضرورة ان لديه السلطة الوحيدة في اتخاذ القرارات حول السياسة الخارجية. وصوت ظريف سيكون صوتاً واحداً في هذا النقاش. وشعوري انه رجل عملي يرى ان مصلحة ايران ستكون في درجة اكبر من التواصل مع المجتمع الدولي وعلاقة أفضل مع المنطقة”. وكان ظريف الذي استبق نشره هذا المقال بجولة قادته الى الكويت وقطر فالعراق ظهر كشخصية محببة من خلال الصور التي انتشرت له اثر التوصل الى الاتفاق النووي مع الدول الغربية في فيينا. الا ان عامل عدم الثقة بين ايران ومسؤوليها ودول الجوار يثير اسئلة بالنسبة الى مراقبين ديبلوماسيين من نوع اذا كان ظريف يعبر عن قرار ايراني داعم للتوجه الذي قال به ام انه يستهدف اغراء دول الجوار العربي بابتسامته كما رئيسه حسن روحاني وذلك من اجل دفع هذه الدول الى الرهان على ضرورة انجاح خيار المعتدلين في ايران الذي يعبر عنه الثنائي روحاني – ظريف واعطائه فرصة كما فعلت الدول الغربية من اجل ان تكون له الغلبة في الداخل الايراني فيتزايد رصيده في مقابل رصيد المتشددين ويدفع بهؤلاء الى الوراء بدلاً من ان يستمروا في الواجهة. إلا انه ليس مستبعدا ان تكون ايران ساعية الى تسجيل مكسب من خلال حركة ديبلوماسية تقوم بها في اتجاه دول المنطقة من دون ان تقدم اي دليل فعلي على صدق نياتها ورمي كرة الرفض في ملعب الدول العربية على انها هي من ترفض معالجة الامور وقبول ايران على طاولة التفاوض من أجل حل أزمات المنطقة.

ومع ان منطق التمايز بين جناح متشدد وجناح معتدل في ايران وفق اقتناعات كثيرة يسقطه وجود مرشد الجمهورية الايرانية كمرجعية نهائية لها الكلمة الاولى والاخيرة، فان الدول العربية لن تستطيع في نهاية الامر ان تهمل محاولة الانفتاح الايرانية ولو انها تحتاج الى مؤشرات اكبر من ايران على حسن النيات وصدقها من دون العنجهية التي اظهرتها وتستمر في اظهارها في ملفات المنطقة. فثمة مواقف للدول الغربية اظهرتها وتستمر في اظهارها بقوة في محاولة طمأنة الدول الخليجية من جهة ومن اجل تسويق الاتفاق النووي في الداخل الاميركي في شكل خاص. وهذه المواقف ربطت احتمالات التعاطي والانفتاح الايجابي على طهران ليس فقط بتنفيذها مضمون الاتفاق حول النووي بل ان هذه الدول اظهرت عزمها على عدم اخراج ايران من تصنيف الدول الداعمة او الراعية للارهاب الا من خلال سلوكها وادائها في المنطقة. وهذا الكلام قالته ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما كما قاله الغربيون الذين تربطهم مصالح حيوية مع الدول الخليجية بحيث لا يودون ان تنهار علاقاتهم او تتراجع لقاء الانفتاح على ايران. فهذه الدول قالت صراحة باستمرار وقوفها الى جانب شركائها في المنطقة ما دامت ايران تعتمد سياسة عدائية تشكل خطرا من خلالها على استقرار بعض الدول العربية بحيث تشكل هذه المواقف ضغطا مستمرا على طهران يحول في ابرز وجوهه دون امكان التعاون معها من اجل مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية التي تقول بانه يشكل خطرا عليها وعلى دول المنطقة خصوصا متى كانت ترعى هي بنفسها ارهاب الدولة وتدعم وتمول تنظيمات تصنف على انها تقوم بهذا العمل. ويكاد لا يمر يوم من دون ان تصدر مواقف مماثلة خصوصا من الولايات المتحدة التي اكدت ان “ملاحقة نشاطات ايران المشبوهة ستستمر بعد الاتفاق النووي”. وفي سعي من الرئيس باراك اوباما الى تخفيف معارضة اسرائيل للاتفاق واحتمال تأثير موقفها على الكونغرس الاميركي الذي سيصوت على الاتفاق في ايلول المقبل، لفت المراقبين قوله ان “اسقاط الاتفاق يؤدي الى حرب تتورط فيها الولايات المتحدة ضد ايران وستؤدي الى رد فعل ضد اسرائيل اكثر منه ضد الولايات المتحدة حيث سنرى مزيدا من دعم الارهاب وحيث تتساقط صواريخ “حزب الله” على تل ابيب”. وهذا الموقف الاخير دفع البعض الى التساؤل اذا كان الاتفاق يعني انه منع صواريخ الحزب على اسرائيل على نحو نهائي او انه سيترجم كذلك مع ما يعنيه ذلك عمليا على اكثر من مستوى.

وثمة ميادين كثيرة يمكن ان تشكل مؤشرات على صدق الارادة الايرانية، كما تقول المصادر وان ليس اعادة التركيز على الحل الذي كانت طرحته ايران للازمة اليمنية على ان تشكل بداية هذه المؤشرات الباب لها باعتبار ان هذا الحل سبق ان رفضته المملكة السعودية وان ايران تسعى الى بداية جديدة باساليب قديمة.