Site icon IMLebanon

الجن يحكمون إيران  

 

لا شك في أنّ موضوع الإيمان بالجن ليس مقبولاً عند الناس الطبيعيين. فكيف إذا كان الأمر يتعلق بمسؤولين كبار، يديرون شؤون الدولة في إيران من خلال اللجوء الى هذه التصرّفات التي تعيد الإنسان الى ذهنيّة الأساطير التي مرّت عليها السنون، فلم يعد القرن الحادي والعشرين، يقبل بها أو يجاريها في أي شكل من الأشكال.

 

هذه المقدمة تقود الى ما يجري في إيران بين المسؤولين الكبار الذين يديرون شؤون الناس، فقد ادّعى أحمد توكلي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، ان بعض السياسيين الإيرانيين يستشيرون الجن، عند اتخاذ القرارات الأساسية المتعلقة بشؤون الدولة، وأضاف: ان الجن وقارئي المستقبل متورّطون بشكل غامض وغير كفوء وفاسد، في القرارات التي يتخذها بعض السياسيين وكبار المسؤولي. وهدّد توكلي بأنّ المجموعة التي أسّسها وهي «هيئة مراقبة مكافحة الفساد العاملة في إيران» تحقق حالياً في عدة حالات لمسؤولين متورّطين في مثل هذه الظاهرة «الخارقة للطبيعة».

 

وكان آية الله كاظم صديقي إمام صلاة الجمعة الموقت في طهران، قد ادّعى في مقابلة تلفزيونية، بداية شهر كانون الثاني الفائت انّ رجل الدين المتوفى آية الله مصباح يزدي، الأب الروحي للمتشدّدين فتح عينيه وابتسم اثناء غسل جسده قبل دفنه.

 

الغريب العجيب أن هذا حدث اثناء موته. وزاد أنّ جثة يزدي عادت الى الحياة ولو للحظات بعد وفاته، بتاريخ 2 ك2 وكان عمره 86 عاماً.

 

هذه الحادثة لم تمرّ مرور الكرام، بل نال الشخص الذي غسل يزدي نصيبه من الإستهزاء والنقد، حتى مِنْ قبل مَنْ اتهموا رجال الدين الذين يحاولون استغلال معتقدات الناس.

 

واستهزأ البعض الآخر، من أنّ آية الله يزدي، لا بد من أن يكون قد دُفن حياً. طبعاً هذا كلام غير مقبول حتى ولو كان على سبيل السخرية.

 

من ناحية ثانية، وفي أحد المواقع الإلكترونية تحديداً، وهو موقع «الن إيران» قال توكلي: رضا مطلابي كاشاني، غسل جثة يزدي لأنّ الأخير غني كبير، وهناك غموض عن مقدار ثروته، وعن علاقاته بكبار المسؤولين ورجال الدين البارزين. وادّعى توكلي أنّ كاشاني يقوم بغسل جثث رجال الدين البارزين في منزله.

 

هناك ظاهرة في إيران، هي أنّ الإيمان بالجنّ، منتشر في المجتمع الايراني عند البعض طبعاً لا عند المجتمع كله، والغاية من هذا الإيمان طلب الإرشاد والنصح والتوجيه بشأن القرارات المهمة في الحياة، وفي العمل، وغالباً يعمد المؤمنون بالأرواح الخارقة للطبيعة، والذين يدّعون أنهم على اتصال بالعالم غير المرئي وبالجن الى العرّافين. ويدّعي توكلي أنّ هؤلاء يوزّعون التكهنات على المؤمنين بها والذين ينتظرونها بفارغ الصبر.

 

العام الماضي وتحديداً في شهر آذار، قال المرشد آية الله علي خامنئي: «إنّ الجن يعملون جنباً الى جنب مع أعداء إيران». طبعاً هو يعني الولايات المتحدة الاميركية التي تسعى لتقويض الجمهورية الإسلامية – حسب رأيه-، وقال: «لدينا الجن وأعداء البشر الذين يساعدون بعضهم البعض». وقال بمناسبة العام الإيراني الجديد: «إنّ أجهزة الاستخبارات في العالم تعمل مع الجن ضدنا».

 

هذا مع العِلم أنّ آية الله خامنئي يسيطر سيطرة شبه كاملة على الدولة في إيران، وهو يشكك دائماً بالغرب، لكنه في الوقت نفسه يؤمن بالخرافات.

 

ويبدو أنّ الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، كان يمارس السحر. ويعتقد آية الله خامنئي بأنّ السحرة والجن، وطاردي الأرواح الشريرة، أصبحوا جزءًا من الجدل السياسي الإيراني القائم حالياً.

 

الى ذلك، صرّح توكلي «ان ما كشفه ليس إلاّ نزراً قليلاً من كثير». لكن تصريحاته قوبلت بالنقد من قِبَل متشدّدين، بما في ذلك نائب سابق انتقده لأنه أشار الى أنّ رجلاً متهماً بالإحتيال المالي، قد غسل جثة مصباح يزدي، وهو ادّعاء نفاه ابن رجل الدين المتوفى.

 

بعض المثقفين الإيرانيين قالوا: «إنّ ما كشف عنه توكلي سلّط الضوء على الوضع في الجمهورية الاسلامية، حيث يوجد العديد من رجال الدين المسنّين، بأفكارهم التي مرّ عليها الزمن، وليس لديهم خبرات خاصة، وهم يحتلون مناصب عليا وحسّاسة في الدولة.

 

وفي تعليق نشره، على الإنترنت، كتب النائب الإصلاحي السابق داريوش غانباري: «إنّ تصريحات توكلي تظهر أنّ الإيرانيين المتعلمين، ليس لهم رأي كبير في إدارة شؤون البلاد، وأنّ خريجي الجامعات مغيّبون عن قرارات وشؤون إيران».

 

ومن الجدير ذكره ان عملية الاتصال بالسحرة، والإنخراط في «أنشطة خارقة» بلغت ذروتها في عهد أحمدي نجاد، الذي أخبر خامنئي بأنّ هالة من الضوء قد أحاطت به خلال إلقاء خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005، وقد رآها جميع الحاضرين. لكن نجاد عاد ونفى هذا الزعم الذي تمّ تصويره على شريط ڤيديو، وقيل يومذاك إنّ خصومه هم الذين زوّروا وتلاعبوا بالڤيديو.

 

خامنئي المرشد الأعلى للثورة، ترك الناس حيارى، إذ كيف لرجل هو صاحب الكلمة الفصل في جميع شؤون الدولة، يؤمن بالخرافات…

 

إنّ الإيرانيين يخشون بحق من أن يؤدي هذا التمسّك بالخرافات الى مصائب أدهى وأخطر.

 

إنّ الشعب الإيراني اليوم، في وضع لا يُحسد عليه… إذْ مع تصريحات خامنئي عن الجن، واعتقاده بأنّ العالم مليء بالأعداء الذين لا عمل لديهم إلاّ التآمر عليه وهو البريء… فإنّ الإيرانيين مطالبون بإيجاد دليل وإثبات لما يؤمن به الوليّ الفقيه.