حاملاً مزيداً من أوامر الدمار والدماء، يصول ويجول قاسم سليماني في بلاد العرب بتكليف إيراني وغطاء أميركي، متنقلاً علانيةً بين لبنان وسوريا والعراق وعلى الأغلب سراً في اليمن لتنظيم صفوف مقاتليه ورصّها في مواجهة شعوب المنطقة.. فكان الرد عربياً واضحاً من موسكو على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رفضاً لوجود «مطلوب للعدالة ومُدرج على قائمة الإرهاب» في بغداد.
ما قاله الجبير عن توغل إيران السافر والمستفز في الدول العربية وتغذيتها الميليشيات الطائفية والمذهبية لنهش مقومات الأمن والاستقرار في الأمة، يجسد واقعاً لم يعد خافياً على أحد ولم تعد إيران تخفيه أساساً منذ أن قررت خلع قفازاتها المخملية والكشف عن مخالبها العسكرية ومرتزقتها الفتنوية على مختلف جبهات الساحات العربية.. أما ما لم تتكشف فصوله بعد فهو تمدّد مشروعها التفتيتي إلى أفغانستان بشهادة من كان بها خبيراً زعيم «الحزب الإسلامي» ورئيس الوزراء الأفغاني الأسبق قلب الدين حكمتيار الأعرف والأعلم بمشاريع إيران التفتيتية وهو الذي قضى سنوات من عمره في طهران.
حكمتيار الذي سبق وحذر حركة «حماس» من متاجرة طهران بها وبالقضية الفلسطينية، ها هو اليوم يحذّر الأفغان من مخطط إيراني يهدف إلى «تمزيق النسيج الأفغاني بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية والهند»، وهو مخطط وفق مصادر ضليعة بالاستراتيجيات الإيرانية «الخبيثة» يستند بشكل أساس إلى تصور مشترك بين واشنطن وطهران قائم على كون الخلاص الوحيد من «المستنقع الأفغاني» لن يكون إلا بخربطة خريطة أفغانستان وإعادة تقسيمها إلى مقاطعات وكونتونات طائفية ومذهبية وقبلية.. وعلى هذا عقدت طهران و«واشنطن أوباما» العزم لتفتيت أفغانستان كما وسبق وعقدته مع «واشنطن بوش الإبن» لتفتيت العراق بغية التخلص من نظام صدام حسين.
هي استراتيجية «فتّت تسد» تتبعها إيران ولا تعرف رادعاً أخلاقياً ولا شرعياً في ترجماتها العملانية من سوريا إلى أفغانستان.. وليس أدل على «خبثنة» المخططات الإيرانية الأميركية أكثر من أن يقرع الإيرانيون في العلن طبول العداء للشيطان الأميركي الأكبر مؤكدين الجاهزية لمقارعته عسكرياً، وفي الوقت عينه يكونون في الخفاء على تنسيق مباشر مع الاستخبارات الأميركية لتزويدها بمعلومات عن خروج زعيم «طالبان» الملا أختر منصور والوشاية بمكانه لتسهيل اغتياله بعد استضافته في طهران بتأشيرة إيرانية رسمية.