IMLebanon

عبد اللهيان وتسليفة عون

 

 

قد يكون على خصوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ألا يتفاجأوا من دفاعه عن سلاح «حزب الله» بصفته سلاحاً لتحرير البلد من الاحتلال الإسرائيلي ولا يُستخدم في الداخل، أثناء زيارته إلى الفاتيكان وروما.

 

عليهم ألا يستغربوا، على رغم أن من حقهم انتقاده لأنه يجافي الحقائق ويعاكس وقائع التاريخ وينطبق كلامه على عالم آخر غير الذي يعيشه اللبنانيون، فإن ما أعلنه رئيس الجمهورية هو القناعة نفسها التي عبّر عنها منذ بداية عهده وفي كل مناسبة أتاحت له منبراً في الخارج، حتى في الدول العربية التي تسبّب موقفه هذا بأزمة سياسية كبيرة مع الدول الخليجية منها، تجرى حالياً محاولات معالجتها بشق النفس وبمساعدة عواصم الدول الكبرى. فما سلّفه إيّاه الحزب، بحمله على أكتافه إلى الرئاسة يقتضي مواصلة سياسة تشريع السلاح من دون مواربة. بل أن الذين يعيبون على عون هذا الموقف عليهم أن يتذكروا أن استخدام هذا السلاح، في 7 أيار وفي تواريخ أخرى قد ساهم في إيصاله إلى قصر بعبدا. كما أن ما ينتظره الفريق الرئاسي من دعم من الحزب خلال ما تبقّى من أشهر العهد، يتطلب إثبات استمرار الولاء في أوضح صوره، إذا كان المطلوب ضمان ما يطمح إليه من استمراريته في الرئاسة عبر دعم باسيل لتمديد الحقبة العونية من تاريخ لبنان الجهنمي، أو، إذا تعذر ذلك افتعال الفراغ الرئاسي الذي قد يحتاجه الحزب في سياق تطورات الصراع الإقليمي، والدور الذي يهم طهران أن تلعبه في الساحة اللبنانية المشرعة على الاحتمالات كافة.

 

لا حرج لدى الفريق الرئاسي في بيع الحزب موقفاً من هذا النوع من روما، مقروناً بالإيحاءات المتعددة الاتجاهات، من تحالف الأقليات الذي لا يحبّذه الفاتيكان، إلى إقناع المسيحيين بأنهم «بخير» بفضل هذا التحالف…فالموسم الانتخابي يقتضي ذلك. ولم يعد من حليف لـ»التيار الوطني الحر» في الانتخابات النيابية غير «حزب الله» يعينه على خفض خسائره في الوسط المسيحي حيث تراجعت شعبيته، وطالما أخذ الرئيس ووريثه السياسي جبران باسيل القرار بوضع بيض التيار في سلة الحزب كاملاً. وإذ ان الأخير قالها بوضوح إن الحزب قبِل مبادلته مد اليد، ونصح محازبيه بأن «أوعا حدا يعيّركن بالتحالفات الانتخابية»، دعا هؤلاء إلى المجاهرة بالدفاع عنها وعن العلاقة التحالفية مع الحزب. والحال هذه لماذا يشذ الرئيس المؤسس عن ذلك، في روما أو في الفاتيكان أو في أصغر قرية بعيدة في أي دائرة انتخابية؟

 

يلاقي كلام الرئاسة الرهانات والحسابات الخارجية لفريقه، وهي الرهانات إيّاها التي قادته إلى الرئاسة وتحميه فيها بمواجهة اتهامه من قبل خصومه ومن ثوار 17 تشرين بأنه أخذ البلد إلى جهنم بفعل تحالفه مع الحزب وقبوله بهيمنته على السلطة السياسية.

 

تشاء الصدف أن يقول الرئيس عون كلامه المكرر من روما قبل يومين من أن تحط طائرة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بيروت في رحلة تفقُّد ساحة النفوذ التي يحرسها له انطلاقاً من موقع الرئاسة. فالوزير الإيراني زار دمشق للإطمئنان إلى أن انفتاحها على أبو ظبي وغيرها من دول الخليج لن يغير في دورها الأساسي والراجح في سوريا. وهو في بيروت من أجل أن يتأكد أن الخطوات الخجولة لانفتاح الدول الخليجية مجدداً على لبنان في الأيام الماضية، لا يغير شيئاً في من هم في رأس السلطة، مهما سعى شركاؤهم في الحكومة إلى كسب عطف وود المرجعيات العربية وتأكيد الهوية العربية للبلد.

 

فما يراهن عليه عبد اللهيان أن يقتنع حليفه بالسلطة بأن مطلب طهران رفع «الحرس الثوري» عن قائمة الإرهاب من قبل واشنطن يعني تراجع الضغط على الحليف «حزب الله» في لبنان، وأنه سيكون رابحاً معه بالنتيجة.