IMLebanon

إيران و«حزب الله» والبوليساريو [1/2]  

 

لم ينسَ أحد في لبنان كيف استخدمت إيران البقاع اللبناني في ثمانينات القرن الماضي قواعد تدريب أشرف عليها الحرس الثوري الإيراني، ولا كيف  أرسلت طهران مُدَرّبيها هؤلاء وعلى رأسهم عماد مغنية ومصطفى بدر الدّين إلى دول الخليج العربي فعاثوا فساداً وتفجيرات في الكويت والبحرين، ولا كيف تولّى حزب الله تدريب «أحزاب الله» البحرينية والكويتية والسعوديّة وسواها، ولا دور حزب الله وإيران في تدريب الميليشيات الشيعيّة العراقيّة واليمنيّة، لذا نفي إيران وحزب الله أي دور لهما في تدريب وحدات من جبهة البوليساريو هو محض كذب، إيران دولة «كذّابة» وحزب الله ربيبها وحزب كذّاب «تقيّة» ليس إلا!

 

هو الصراع على إفريقيا، لقد تمدّدت إيران على غفلة من العرب «أهل الغفلة» ونشرت التشيّع ورسّخت مكانها في قارّة الثروات والفقر و»الإسلام الصوفي السُنّي»، للمناسبة وحتى يفهم كثيرون المشهد الذين يظنّونه أحجية إذ ما دخل حزب الله وإيران في صراع «الصحراء الغربيّة» وجبهة البوليساريو والمملكة المغربيّة؟ لا يظنّن أحد أنّ الأمر مقصورٌ فقط بالصراع على إفريقيا، الأمر عمره أكثر من ألف سنة، إيران مصرّة على اجترار التاريخ لقد وضعت يدها على لبنان وسوريا والعراق، وهي جاهزة في الخليج وفي انتظار الأمر، وهي حاضرة في اليمن وبلاد الحجاز، فما الذي تبقّى غير تمدّدها إلى قلب مصر من بوابة أفريقيا ووضع يدها على المغرب العربي، إيران تريد أن تجمع المشرق والمغرب العربي، ولم تنسَ ولن تنسى أنّ المرّة الوحيدة التي نجحت فيها في إقامة دولة «شقّت» فيها حكم المسلمين هي عندما أقامت الدولة الفاطميّة من بوابة المغرب.

تحاول إيران، وستنتهي محاولتها بنكبة على عادة تاريخ موجات التشيّع في تاريخنا الإسلامي، مهما قويت شوكتها، عندما هرب الشيعة الإسماعيليّون زمن الخلافة العباسية باتجاه المغرب العربي كانوا يرفعون نفس الشعار الإيراني اليوم «دعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل» ـ هذا الكلام منذ أكثر من ألف سنة ـ استقطبوا الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة وأعلنوا قيام الخِلافةِ، وأسّسوا مدينة المهدية (نسبة للمهدي المنتظر) في ولاية إفريقية سنة عام 912- 913 للميلاد، يومها تمدّدت الدولة الفاطميَّة في مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط على طول الساحل المُتوسطيّ من المغرب إلى مصر، وإيران تريد اليوم وبشدّة أن يُعيد التاريخ نفسه!

سعت إيران بشدّة للدخول إلى أفريقيا مستغلة الإسلام الإفريقي الصوفي وسخّرت في هذا التمدّد مقدّرات رجال حزب الله، أو اللبنانيين الشيعة الموالين لها في أغلبهم، ومعظمهم يتحكم في اقتصاد دول مثل ساحل العاج وسيراليون ونيجيريا ويذهب رجال الأعمال من حزب الله حتى جنوب أفريقيا… بالتأكيد سمع اللبنانيون أمين عام حزب الله حسن نصرالله وهو يتحدّث مرّة محذّراً من المساس بالشيخ النيجيري إبراهيم الزكزاكي، «يعني بدكن تقولوا الزكزاكي نصرالله نيجيريا»، أو كما يطلق عليه خميني نيجيريا وحركته حزب الله في نيجيريا. أصبح الشيعة في نيجيريا أكثر من سبعة ملايين موالٍ لإيران، هذا نموذج صغير عمّا تفعله إيران في إفريقيا!

تنبّه المغرب للمد الإيراني ومحاولته تغيير الهوية الدينية السنية للقارة عبر نشر المذهب الشيعي، فقرّر مواجهة التمدّد الإيراني الخطير على المغرب العربي وإفريقيا، فأسّس العاهل المغربي للدفاع عن الإسلام السني المالكي المعتدل مؤسسة محمد السادس لعلماء إفريقيا، ومن بين أهداف هذه المؤسسة الضخمة مقاومة التشيّع والتحول المذهبي الذي تشجعه مؤسسات إيرانية ولبنانية تدفع أموالاً لاستمالة المسلمين الأفارقة الفقراء، تماماً مثلما تفعل إيران في سوريا وفي غزّة وغيرها من البلاد!

بالتأكيد يتذكّر اللبنانيّون اسم قاسم تاج الدين، لقد لمع اسمه بعد حرب تموز عندما أطلق العنان لأكبر عمليّة تغيير ديموغرافي في لبنان فعلا صراخ النائب وليد جنبلاط محذّراً منه ومن أمواله الإيرانيّة، قاسم تاج الدين «ما غيرو» كان شرارة الصراع بين حزب الله والمغرب، الذي قام بتسليمه إلى الولايات المتحدة الأميركيّة بعد اعتقاله في مطار الدار البيضاء وهو في طريقه نحو بيروت قادماً من غينيا كوناكري بناء على مذكرة توقيف دولية صادرة عن الإنتربول، وهو مدرج منذ مايو/أيار ٢٠٠٩ في القائمة السوداء لوزارة الخزانة الأميركية بتهمة تمويل حزب الله المصنف ضمن المنظمات الإرهابية!